متكأ قلم .. إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا

بقلم / ابتسام الزهراني  

من الملاحظ أصبحنا نرى انتشاراُ كبيرًا لكاميرات المراقبة في الأماكن العامة والخاصة, لأن للأسف انتشر المكر والخديعة بين الناس ، و زمن تعددت فيه وسائل الغش والتزوير، وضعف فيه الخوف من الله وهو السميع البصير بعباده.

أصبح الخوف من مراقبة الكاميرات لنا هي التي تمنعنا من التصرفات والسلوك الخاطئ وغفلنا بأن الله يراقبنا في السر والعلن
ولو كل شخص مسؤول استرعى الله في الامانة المنوطة به لما احتاج المجتمع إلى استحداث مثل هذه التقنيات.

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ} (متفق عليه).

ما من إنسان إلا قد وُكِل إليه أمر يدبّره ويرعاه، فكلنا راعٍ، وكلنا مطالبٌ بالإحسان فيما استرعاه، فلو كان في داخل كل إنسان منا عيناً تراقب حركاته وسكناته وقلب يحاسبه فهل كان الإنسان يستطيع أن يظلم أو يستكبر على من هم أدنى منه لكنه للأسف استطاع ذلك عندما مات ضميره وغفل قلبه عن مراقبة الله، فاتقوا الله في عباده المستضعفين وتذكروا بأن الله أكرمكم بهذه المسئولية سواء كبيرةٌ كانت أو صغيرة ٌفهو اختبار لك فإما أن تنجو من عقابه أو تفوز بثوابه.

وقال نبينا صلى الله عليه وسلم لأمته: “اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ». رواه الترمذي وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيح، فما المانع أن تًحسن في عملك الذي أمرك به ربك سبحانه، كأنك تراه وهو ينظر إليك؛ فتكون أميناً في عملك وتستحضر وجوده في كل سكناتك وحركاتك أم أننا لا نعمل بإتقان إلا تحت مراقبة الكاميرات وفي حضور المسؤولين علينا.

البعض للأسف لا نرى ابتسامته الصفراء إلا في المناسبات وبحضور الناس وإذا خلا بأحد من الذين استرعاه الله عليهم في عمله ,رأيت أنيابه الحادة تخرج من بين فكيه وعيونه الجاحظة في وجهك كأنك تقاسمه الأوكسجين في الكون وفجأة تختفي الابتسامة الملونة فتسمع منه صوت لم تسمعه من قبل ويظهر لك بأنه أكبر من منصبه وأكبر من المسؤولية.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيأتي على الناس سنوات خدّاعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة قيل وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة.

ويعتبر السبب الرئيسي هو غياب الخوف من الله ثم لأن غفلت عنه أعين ومراقبة بعض المسئولين المنحازين له و الذين بلا شك قد اتفقوا معه على هذا التصرف من قبل، وساهموا في دعم تصرفاته وهذا ما جعله يصول ويجول على علم بأنه غير محاسب منهم، وقد استطاع بقدرته الماكرة أن يخفي عليهم الحقائق ولو كان تحت مراقبة ( الكاميرات) اتوقع لن يجرؤ على ذلك .

لكن مراقبة الله عز وجل تحيي القلوبَ المَوات، وتوقظُ الضّمائِرَ مِنَ السّباتِ، وتحَرِّكُ في الإِنسانِ دَوَاعِيَ الخَيْرِ، وتُمِيتُ فِيهِ نَوازِعَ الشر.

وعليها لا يحتاج إلى مراقبة أحد من الناس؛ لأن الله تعالى أعظم في قلبه من كل أحد، وأكبر عنده من كل أحد، يُتقن عمله ويُحسِنه، ويجتنب الغش والظلم تعظيما لله، وخوفاُ من عقابه ، وطلبا لمرضاة الله والفوز بالجنة.

إن زرع ثقافة المراقبة في المجتمع لابد أن تبدأ أولاُ من الفرد و حتى نستطيع بناء فرد يخاف الله ولايخاف من مراقبة البشر ولا مراقبة الأجهزة له و يؤدي عمله بأمانة ويقوم بمصالح العباد وحقوقهم على أكمل وجه لابد من تذكيره بالعقوبة من الله قبل عقوبة الأنظمة “.
.ونذكره بأن خدمة المجتمع هي واجب ديني ووطني فإذا صلح عمله سيصلٌح المجتمع بأكمله.
فلنتذكر دائماٌ بأن الله عليكم رقيبٌ، ومنكم قريب، وهو معكم أينما كنتم يحصي أعمالكم، ويسمعكم ولو كنتم في بروج مشيدة وسيحاسبكم عليها فيقول لكم: “يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فَلْيحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومَنّ إلا نفسه”.

وهمسة لكل من أعان ظالماً تذكر بأن الله يراقبكم جميعُاُ وليس بغافلٍ عنكم لقوله سبحانه وتعالى (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)، وقيل في الأثر ( من أعان ظالماُ سلطه الله عليه ولو بعد حين )، , اللَّهمَّ إنِّا نعوذُ بِك أن أظلِمَ أو نٌظلَمَ أو أجهَلَ أو يُجهَلَ عليّنا ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يخشاك اللهم اجعلنا نخشاك كأننا نراك.

‫2 تعليقات

    1. جزاك الله خير استاذة هاجر على اطرائك الراقي
      وسعدت بمرورك الكريم وفقك الله اينما كنتي ?

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى