لا تكن كحامل الملح

بقلم / هاجر العتين  

يحكى أن بائع ملح كان لديه حمارٌ يستعين به لحمل أكياس الملح إلى السوق كلّ يوم، وفي أحد الأيام اضطرّ البائع والحمار لقطع نهرٍ صغير من أجل الوصول إلى السوق، غير أنّ الحمار تعثّر فجأة ووقع في الماء، فذاب الملح وأصبحت الأكياس خفيفة ممّا أسعد الحمار كثيرًا، ومنذ ذلك اليوم، بدأ الحمار بتكرار الخدعة نفسها في كلّ يوم، واكتشف البائع حيلة الحمار، فقرّر أن يعلمه درسًا، في اليوم التالي ملأ الأكياس بالقطن ووضعها على ظهر الحمار، وفي هذه المرّة أيضَا، قام الحمار بالحيلة ذاتها، وأوقع نفسه في الماء، لكن بعكس المرّات الماضية ازداد ثقل القطن أضعافًا وواجه الحمار وقتًا عصيبًا في الخروج من الماء. فغرق ومات …. انتهت القصة.

والشيء بالشيء يذكر كما تقول العرب والعبرة في انتهاء المشوار فنحن في سباق مع تساقط الجمان من عقد هذا الشهر الكريم
فكل يوم في هذا الشهر الفضيل يذهب من أعمارنا وأعمالنا ألا ليت شعري هل لنا بلقائه كرة أخرى.

وياليت شعري من منا حاز وكسب وجمع الجمان وكان له به إنجاز وتغيير ذات وأعد مخزون للقاء ليوم لاينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

وياليت شعري هل فكر من اختار الطريق السهل كيف ستكون نهاية الشهر؟
والأعظم مصابا من كان شبها لذلك الحمار فيصوم عن الطعام والشراب وبين أسنانه لحوم البشر، ويتفاخر بأنه القوي فلا يأمن له جانب ولا يسلم منه عرض فيغتاب ويبطش ويستعظم نفسه أما بمنصب أو نسب أو عنصرية ممقوته، فيكون ممن اختار ما يورده المهالك فينتهي شهر رمضان عليه أسوأ حالاً فيكون الجزاء مناسب للعمل.

فرمضان رعاكم الله ضيف خفيف وسريع الرحيل فيه تغفر الذنوب وتجبر الكسور في الطاعات وصلة الأرحام وبر الوالدين وليله خير من نهاره وبها ليلة خير من ألف شهر، ومن كتب له السبق فقد نجا ومن كان آخر الركب فمأجور على قدر جهده.

والبلاء البلاء أن يختم الشهر ويخرج العبد ليس له فيه حظ وأجر إنما غلبت عليه شقوته وكان ممن حرم فيه وتضاعف فيه الوزر ، رمضان درس لتهذيب الذات وتنقية السرائر وكبح جماح النفس، ومحاسبتها وإعادة جدولة الحياة، وتنظيم المبعثر من أوراق العمر وتنظيم سجل سنين مرت وأزمنة نسينا ما حصدنا ولكن عند الله كل في كتاب.

فلذة الحياة وزهرتها ينشر عبق جمالها في رمضان، فيسر الخاطر حين ترى براعم من الشباب تتسابق للمساجد وشيخ كبير أحنى كفاح السنين ظهره مستمدا قوته بعصاه وهو يسير للمسجد.

فرمضان أحبتنا يمر على العبد بدروس وعبر فمن كان ضيفه بالعام الماضي أصبح تحت الثرى ومن كان حاكما أصبح محكوما ومن كان جبارا أصبح بالسجون مجبورا .

فالله الله والبدار البدار فالعبرة جنة ونار فمنا من ظن أن العبادات والطاعات ثقال وهي في الحقيقة تذوب في تربة الجنان وتنبت روح وريحان والبعض يرى التخفيف وتضييع فرص هذه الأيام بملاهي دنيوية والجلوس أمام شاشات التلفاز أو قضاء غالب وقته على مواقع التواصل الاجتماعي يشارك في متابعة ذلك وذاك والبعض لا رمضان واعظا له ولا حرمة لمخلوق فيها فتراه صائما عن طعامه وشرابه فقط، فيكون كحمارنا حمل قطنا ظنا بأنه سيدًا فطنا فكان من المغرقين.

كل من لاقيت يشكو دهره!
ياليت شعري هذه الدنيا لمن؟ القاعدة: (خذ من رمضان كنز مدخر لآخرتك وكن من الشاكرين أن جعلك الله ممن صام نهاره وأقام ليله).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى