سلاما لكل هين لين

بقلم / هاجر العتين  

يحكى أنّ جماعة ًمن العرب خرجت للصيد، فعرضت لهم ضبعٌ فطاردوها، وكانت العرب يسمون الضبع (أم عامر)، وكان الجو شديد الحر، فدخلت الضبع خباء (بيت) أعرابي، فخرج الأعرابي فرآها مجهدة ً في ذلك الحر الشديد، ورأى أنها قد التجأت إلى خبائه مستجيرة ً به، فصاح بالقوم: ما شأنكم؟ قالوا: صيدنا وطريدتنا.
قال: إنها قد أصبحت في جواري، ولن تصلوا إليها ما ثبت قائم سيفي في يدي، فانصرف القوم. ونظر الأعرابي فرأى الضبع جائعة ً، فقام إلى شاتــه ِفحلبها، وقدم للضبع الماء واللبن فشربت حتى ارتدت لها عافيتها.
فلما أقبل الليــــل نام الأعرابي مرتاح البال بما صنع للضبع من الإحسان. لكن أم عامر نظرت إليـــه فوجدته نائماً، فوثبت عليهِ، وبقرت بطنه، وشربت من دمهِ، وتركته وسارت.
وفي الصباح: أقبل ابن عم الأعرابي يطلبه، فوجده قتيلاً، فاقتفى أثر الضبع حتـــى وجدها، فرماها بسهم فقتلها، وأنشد يقول:
ومنْ يصنع المعروفَ في غير أهله ِ **** يلاقي الذي لاقـَى مجيرُ أم ِّ عامر ِ
أدام لها حين استجارت بقـــــــــربهِ **** طعاما ٌ و ألبان اللقاح ِ الدرائـــــــر ِ
وسمـَّـنها حتى إذا مـــــا تكاملــــتْ **** فـَـرَتـْه ُ بأنياب ٍ لها وأظافــــــــــــــر ِ
فقلْ لذوي المعروف ِ هذا جزاء منْ **** بدأ يصنعُ المعروفَ في غير شاكـرِ
منقول انتهى
كثير منا يصنع أداة طعنه بيده سواء مال كسب من حرام او وحتى حلال وانفق في حرام او ولد احسن تربيته وتكفله كما تكفل نوح عليه السلام ابنه فحماه من الاعين والانفس وكان عليه رقيبا ومهذبا فلما أزف الرحيل على الفلك وضاقت الأرض بمارحبت وتفجرت الأرض عيونا وبكت السماء أنهارا لتطهر الأرض وكان نوح عليه السلام يقول قول الأب المشفق : ﴿ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ﴾: -“ونادى نوح ابنه”: وفي هذه اللحظة الرهيبة الحاسمة ، لأن أحد أبنائه في معزل عنهم وليس معهم، وتستيقظ في كيانه الأبوة الملهوفة، ويروح يهتف بالولد الشارد ولكن قدر الله ماض على العباد فكان كما قال تعالى : قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43)
فالأم والأب أصعب مصاب يقع بهم أن يكون البلاء في الأبناء فيكون القتل في أرواحهم وضياع مشارب تفكيرهم عن الجادة .
عندما يبلغ الابوين الكبر ويسلك الضعف الطريق إلى اجسادهم وخور الوهن يسرى في عظامهم فهم بحاجة إلى تجارتهم التي جمعوها في لحم ودم وعقل وقلب في افئدتهم التي تمشي على الأرض في تجارتهم التي سهروا عليها الليالي وسقوها بدموع العيون وعرق الابدان ونموا أرباحها بالكفاح والتقتير على الذات ليحققوا لهم ما اشتهوا من ملذات .
ذلك نبي الله يعقوب عليه السلام ابيضت عيناه من الفقد ليوسف وهو ولد صالح فمابالكم يا سادة بمن خاب مسعاه في ولد انبته الصلاح بيديه وسقاه من ماء عينيه وبات الليالي حالما بصلاحه وتوفيقه وإصلاح حاله ثم يطعن ذاك الوالد بخنجر الجحود والصدود والخروج عن الجادة والبحث عن الريادة بعيد عمن كان ذات يوم غرس يديهما وباعتقاده أن مايفعله بلوغ علياء وأن من يسنده من الأشقاء سيكون له وجاء وحماية من غضب رب السماء.
فياليت شعري اتعضوا من نهاية ابن نوح عليه السلام .
ليس هناك أصعب من أن تُسقى الخيبة من أناس كانوا محور اهتمامك ورعايتك ولأجلهم في الحياة تقاتل .
وهم يرون خلاف مسعاك وأنك معطل لأحلامهم عائق في طريق طموحهم وماعلموا أن الطموح وسيله لبلوغ الغاية ومن المعيب أن تستخدم أدوات الطموح معولا لأنفس تكسر وبيوتِ تهدم وتلونِ بالمشاعر وجحودِ مخفيا بالقول وبالفعل ظاهر .
فكثير منّا يطمح لكل ما هو مختلف وجديد، ويسعى خلف طموحه، ويحاول مئات المرات، ولكن لا بدّ من المرور بخيبات أمل في طريقنا، مِن انفسنا، أو مِن قدراتنا، أو مِن عزيمتنا، أو مِن مَن حولنا، فلا يجب علينا الاستسلام، بل يجب علينا أن نصنع من هذه الخيبات بدايات جديدة، وأكثر قوة، وعزم، وإصرار، وثبات، ف خيبات الأمل مهما كانت مؤلمة، فهي نفسها الدافع القوي لتخطّي هذا الألم، للوصول للإنجاز الأعظم. والحذر كل الحذر أن نمتطي صهوة جواد الهوى وخيل الجحود لمن سار مساندا لنا وداعما لهدفنا وطموحنا فينتهي به الحال ليجلسُ وحيداً، يُمشِّطُ شعرَ الخيبة ويغنِّي لها. ومن بين كل ما يعذبنا، لا شيء مثل الخيبة يمنحنا الإحساس بأننا نلمس أخيراً ما هو حقيقي. الخيبة الأولى موجعة، أما البقية فهي دروس تقوية لا أكثر. إذا كنت تخشى الخيبة، تجنب الثقة المطلقة من البداية. لم تتوقف الحياة من بعدك، ولم يقف مركبك أيضاً، تعلم من هذه الخيبة أن تنظر لمن يحبك، لا لمن تحب. لاتعشق العزلة،ولا تشبع كيانك بالوحده ولا تخن ذاتك بالجراح على من خاب املك بهم ولا فشل وقع سواء كنت بطلا فيه او كومبارس بدور ثانوي . أصنع أحلامك من كفاف يومك لتجنَّب الخيبة. فكل من دخل معركة الحبّ لابد أن يتذوق من خبز الخيبة ولو الشيء القليل ، لأنّه يولد بأحلام شاهقة أكبر من أصحابها، فيقاتل بسلاح الصدق الاخلاص والوفاء والثقة ليفوز بقلب من شغفه حبا . ف إن كان في ساحة المعركة وحيدا ورسم أحلاما بعيده فلا شك انه سيصحو من نوم الهوى ليس معافي من الخيبة، فهو لم يحلم بأشياء عصية! ولكن خيبته أنه قاتل لأجل سراب وكان حبه من طرف واحد وقتاله باء بالهزيمه لأن من يقاتل لأجلهم لم يكونوا يحملوا نفس القضيه ولا نفس الهدف فكانت الخيبة والخذلان منهم .
و الطريقة الوحيدة لمواجهة الخيبات المتوالية، هي أن يعشق المرء فكرة الخيبة نفسها، إذا أفلح المرء في ذلك لا يعود يفاجئه شيء، يسمو فوق كل ما يحدث، يصبح الضحية التي لا تقهر. فكل المواقف المؤلمة و الكلمات الخشنة، التي لا يملك حيالها إلّا الخيبة والصمت. في الحياة اليومية كي ينجو الأشرار من العقاب، ويضيع على المحسنين الثواب، ويجني الأقوياء ثمار النجاح، أما الضعفاء فلهم الخيبة وسوء المال، هذه هي قصة الحياة. ليس هناك أصعب من أن تُسقى الخيبة من شخص تهتم لأمره. فخيبة الأمل و الظن بإنسان درس عملي فلا نصدق أية وعود واهتمام مزيف وأكاذيب ليس لها مدى .. تعلّمنا أن ذلك الشخص كان معك لحاجته فقط .. وعندما أُشبعت وانتفت حاجته .. انتهى معها .. تعلّمنا أن لا نعطي قلوباً بيضاء من يد من يتعلق بك لمصلحته .. تعلّمنا أن نصبح أنانيين نحب أنفسنا فقط .. تفوت علينا مشاعر صادقة كثيرة .. وذلك لانعدام الثقة .. تعلمنا أنه ظهر مسميات أخرى جديدة للحب بشتى انواعه.. حب فارغ.. حب مصلحة.. حب تقليد.. حب حاجة تعلمنا أن لا نبكي ونندم ونضع يداً على خد .. بل نتجاوزها بكل فخر .. تعلمنا أنه سيأتي يوم ويندم من افلت يده الجاحدة من يدنا الحانية ولكن بعد فوات الأوان ..
الخسارة الحقيقة في البحث المضني عن الذات ومعركة بلوغ مرتقاها وأحلامها هي عندما تكون هناك ضحايا أنفسا بشرية شاركت صاحب الطموح طموحه وعاشت معه أحلامه وسهرت الليالي حتى توفر له سبل ولوج الغاية.
و فجأه وبدون مقدمات يقال لها شكر سعيكم وكما قال الجحود كلمته انما أوتيته على علم عندي ، نعلم جميعا أن دولاب الحياة سيدور وتتقلب موازين الأمور فما كل من قاد وساد وتجبر ينعى بالخير وهو بالقبور.
وما كل من ظُلم سيبقى في الظلم بل مكانه روح وريحان و جنة نعيم .
أيتها النفس البشرية انظري لمن شاد القصور أين هو الآن فتلكم النهاية المستحقة.
وماربك بظلام للعبيد . خذ العبرة ممن انطفئ ذكره من السادة
وتأمل قول رسول الله ﷺ: رُبَّ أشعثَ أغبرَ مدفوعٍ بالأبواب، لو أقسم على الله لأبره[1]، رواه مسلم. فما كل من ساد بالدنيا نال سيادة الأخرة .
لاتقل :
ألا ليت شعري متى يحين الحنين ويرد ذلك الغزال الشارد إلى جداول مرعاه وأرض مرباه وجنة أخرته
انما قل :
سلاما: لكى هين لين بشوش منشرح الصدر كما بشر به صلى الله عليه وسلم : أَلَا أُخْبِرُكم بمَن يَحْرُمُ على النَّارِ، وبمَن تَحْرُمُ عليه النَّارُ؟ على كلِّ قريبٍ هيِّنٍ سهْلٍ.
سلاما :لمن كانت الأخرة نصب عينيه وخوف الله في مقلتيه واليقين بأن الله يهب حسن الختام لمن خاف لقاءه وعمل لآخرته
سلاما: لكل من توسد مخدته وليس في قلبه غل او حقد على احد ولا مظلمة من مال أو عرض أو كسر نفس أو حقوق .
سلاما: لمن صان العشرة واعترف بالمعروف وحفظ الود وصان العهد وخشي الله في امانته وما استودع في عهدته من مال و دماء وانفس العباد
سلاما :لمن خفض جناحه لوالديه وادرك أنهما جنته وناره وقدم طاعتهما وامرهما على امر نفسه وعلم أنهم اشد الناس خوفا عليه وحرص واهتم لرضاهما .
سلاما: لكل بار بوالديه رحيما بهما وكل هين لين تقي نقي وفيا
سلاما :لمن غاب عنا ولن نلقاه الا في الاخره وكلنا أمل بعفو الله وستره ورضاه وكرمه وأن نلتقي بهم في جنانه وتحت ظل عرشه

تعليق واحد

  1. مقالة كتبت بحروف من ذهب ابدعتي اخت هاجر وما اصعب نكران الجميل من الابن لوالدية او لمن جفى حبيب بورك قلمك الراقي

اترك رداً على ------ إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى