إيقاف الأفكار

بقلم / إلهام الجعفر الشمري  

في أحد الأيام وأنا أخاطب أمي الحبيبة كنت أقول ليت عقلي يتوقف قليلاً وكنت حينها مصابة بإدمان تدفق الأفكار على دماغي بدرجه مرعبة. فلا تمر دقيقة دون أن تداهمني فيها الأفكار حول كل أمر في حياتي لدرجة أنني أجلس بين الناس بجسد وعقلي محلق في مكان آخر. كنت أعتقد بأن تلك هي ميزة المبدعين والناجحين. لم أكن أتعمد فعل التفكير بل كنت مصابة بهوسه. حتى أصبحت أقرأ بنهم حول هذا الموضوع فوجدت من الرائع مشاركتكم بتقنيات جميلة تعلمتها ومازلت أحاول إتقانها حتى أوقف تدفق الأفكار في الأوقات التي لست بحاجة إليها فيه.
والسؤال لماذا قد يريد شخص أن يشل حركة تفكيره ولو لدقائق. لعل السبب هو العالم الصامت الذي تعيشه تلك الفئة مع ذاتها فهي تحلل وتفسر وتلوم وتسامح وتغضب وتتوتر ثم تعود تهدأ وهكذا .
مشاعر كثيرة متلاطمة بين مزاج وآخر. فالرغبة في الفهم والتعمق في كل مايدور حولها تصبح مع الوقت عبئاً ثقيلاً، وقد تحرم أصحابها من العيش المطمئن والسلام الروحي.
الأفكار التي تدخل بنعومة وأنت جالس وحدك أو مع أصدقائك أو مع عائلتك وتنقلك لعالمك الخاص الذي يحاكمك أو يحاكم الآخرين بصورة مبالغ بها أحياناً. تلك الأفكار تتدفق بدون استئذان ولأنها تجرك لعالمك الخاص الذي تحبه فأنت تميل ميلة واحدة معها حتى يأتي من يوقظك بسؤال أو حديث أو موقف.
ولأن ذلك التدفق قد يعيقك أحياناً ، وقد يضع لك حدود لاضرورة منها وقد يدفعك للحماس واتخاذ خطوات معينة ثم لاتلبث أن تسكن بعد انتهاء حرارة التدفق الذي تعيشه. ولأن ذلك يرهق الجسد والنفس فإن اتخاذ خطوات عملية لإيقاف الأفكار المباغتة في الأوقات الخطأ يعتبر عملية مهمة للغاية وخاصة للأشخاص المنتجين والراغبين في استثمار حياتهم بالشكل الصحيح.
تلك الخطوات يمكن أن تقوم بها بترتيبها أو تبدأ في الخطوة المريحة لك . ولعل أولها هو أن تفهم سبب ذلك التدفق فأحياناً يحدث ذلك لرغبتك في الوصول لقرار ، أو لشعورك بالذنب تجاه أمر قمت به ، أو محاولة لفهم سلوك الأفراد تجاهك ، أو نقص ما ترغب في استكماله وترميمه وقد تكون هناك أسباب كثيرة جدا حسب ظروف كل شخص . وحينما نفهم الأسباب ندرك أهمية تأثيرها وحتمية وجودها من عدمه. وقد أشارت الدراسات الحديثة إلى أن عملية الإيقاف الإيجابي للأفكار يمكنها في البداية أن تأخذ عشرون دقيقة ومع الوقت ستصبح عادة ولن تأخذ سوى دقائق قليلة . المهم أن تعطي نفسك فرصة للتدرب عليها لإن إتقانها يحتاج مران وصبر.
من الأمور الرائعة التي تساعدك على فهم نفسك هو تدوين مشاعرك وتدوين الأمور التي تجرك لها تلك المشاعر. فمثلاً أنت تفكر بالسفر بينما أفكارك تسحبك نحو القلق أكثر من المتعة بالفكرة ، فأنت تفكر بأنك ستنسى وثيقة مهمة كجواز السفر أو أنك ستفاجأ بأن الفندق الذي ستسكنه سيكون سيئاً …وهكذا . وكما تلاحظ هي مجرد ظنون لاتمت للحقيقة بصلة وقد شغلت جزء مهم من وقتك ولو كان قصيراً .
من التمارين الجيدة أيضاً أن تستبدل التخيلات السيئة بأخرى تحبها . فبدلاً من تخيل تعطل السيارة ماذا لو كان التخيل الوصول بسلامة ورؤية أشخاص تحبهم.
ومن التقنيات الجميلة التي يشير إليها كتاب الأفكار والمشاعر أنه عندما تستمر الأفكار المتسلطة في السير قدماً أن تذكر بينك وبين نفسك كلمة “ توقف”، وغير مكانك واشغلها بأمر آخر واقعي وجيد. إن التبديل السريع ورد الفعل القوي من نفسك لنفسك من شأنه أن يبعدك عن الأفكار المتحكمة فيك(. إفعل ذلك وأنت وحدك أو مع الآخرون . استحضر اللحظة الحالية فقط.
تقنية أخرى مستوحاة من كتاب الأفكار والمشاعر أيضاً وهي ( في أي وقت تلاحظ فيه تسلل أفكار مزعجة أو مثيرة للقلق إلى ذهنك قل لنفسك ” توقف” في صمت وحول انتباهك إلى تنفسك وابدأ في أخذ أنفاس بطيئة وعميقة داخل بطنك مع وضع إحدى يديك على بطنك لكي تتأكد أنه يتمدد مع كل نفس. حاول أن يكون ذهنك خالياً أثناء تركيزك على عملية التنفس. )
التجربة جميلة وتستحق لا تبخل على نفسك بها فأنت بحاجة للسلام والهدوء , خاصة إذا أدركنا أن ليس كل أفكارنا تعمل لصالحنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
@elhamaljafar

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى