إدارة الذات

بقلم / إلهام الجعفر الشمري  

حينما نصل لمرحلة تتطلب منا إدارة الذات ، نكون قد وصلنا إلي مفترق طرق مررنا قبله بكل الانفعالات والمشاعر وردود الأفعال التي تحرك كل ما لدينا من مخاوف أو إحباطات أو جمود أو تشاؤم . فالذات حينها تصبح مساحة خصبة للانطواء والانعزال والأفكار السلبية. وأهم منطقة يجب التأكد من دورانها بالشكل الصحيح هي حديث الذات. فمعظم مانقوم به مرتبط مباشرة بالحديث الداخلي مع النفس وبالكلمات والعبارات والجمل التي ننطق بها في أدمغتنا لنحلل أو نقرر مانحن عليه.

استراتيجية سميتها ( المرآة ) هي أحد الاستراتيجيات التي يمكن أن نبدأ فيها بالتحاور مع ذواتنا. وهي طريقة تعتمد على الجرأة والقدرة على مواجهة النفس . ليس من السهل أن يطبق البعض تلك الاستراتيجية كونها تحتاج شجاعة وقدرة على امتصاص النقد الذاتي وتحويله لأمر إيجابي. بيد أن الحديث الذاتي حينما يبدأ لايشترط أن يكون قاسياً بل أن يكون واضحا ودقيقا ومحددا حتى يتمكن الشخص من فهم دوافعه الخاصة وبالتالي يفهم ذاته. تلك المرحلة تعتبر عميقة تنفذ لأهم مراكز المشاعر وتخترق تفاصيلها . لهذا لن يتحملها كل شخص إلا بقرار مسبق منه.

وبالتالي الشخص الشجاع القادر على الولوج إلى أعماقه لن يفعل ذلك دفعة واحدة بل بالتدريج لأن الهدف ليس الوصول فقط لمعادلة السلام الداخلي بل تنظيف الروح أثناء تلك العملية حتى لايكون هناك نافذة مفتوحة يمكن عودة المشاعر السلبية من خلالها.
استراتيجية ثانية مهمة في إدارة الذات هي ( التدوين ) . والتدوين مهم لتفريغ جميع المشاعر الداخلية على مكان آخر غير دماغك. فحينما تسجل ماتشعر به تخرجه من حيزك المعتم إلا المنطقة المضيئة في الخارج وبذلك ستتمكن من رؤية الأمور على حقيقتها دون أن يكون للدماغ حينها دخل في تشكيلها. افعل ذلك دون التفكير في ترتيب الأشياء أو تسميتها أو الحكم عليها . فتلك منطقة أخرى ستصل إليها لاحقاً . أعد قراءة ماكتبت بتجرد وكأن كل ماكتب لايخصك . اختبر شعورا خاصاً باستشعار ماكتبت . ربما تشعر بالخوف ، بالقلق . بالضيق لكن لايجب أن تفكر في ذلك بل أن تستوعبه .

ثالث استراتيجية هي في المرحلة الأصعب وهي ( محاورة حرة ) والهدف منها أن تحاور ذاتك حول كل مشاعرك التي دونتها وتطرح على نفسك كل الاسئلة المحتملة . ولامانع من تدوينها أيضا. اسأل نفسك كيف تكونت تلك المشاعر . هل هي حقيقية! الأسباب التي أوصلتك لتلك النقطة في حياتك. ولماذا اخترت ردة فعل معينة من غيرها! هل لأنك مستسلم ؟ أو خائف ؟ أو ضعيف ؟ أو متردد ؟ أو غاضب ؟ . كلها مشاعر منطقية والمشكلة ليست في وجودها بل في بقاءها داخلك وهو ما نسعى للتخلص منه في أهم استراتيجيات إدارة الذات.
وحيث نصل للاستراتيجية الأخيرة نكون قطعنا سبعون في المائة من رحلة إدارة الذات . باختصار يمكننا تسمية هذه الاستراتيجية ( بالفلترة ). وهي في معناها المعروف التخلص من الشوائب لتعود نفسك صافية . في مرحلة الفلترة ستكون قادراً على فهم أحاسيسك ، دوافعك، أخطائك وستتقبل اخفاقاتك. ستعلم بأن الأهم هو أن لاتخسر اتزانك وسلامك مع نفسك والآخرين. لهذا في تلك المرحلة ستطرح عامداً كل المواقف التي حدثت بعيداً لأنك مدرك بأن الجميع معرض للخطأ. ثم عليك أن تغفر لنفسك . وإن كان هناك أشخاص كانوا السبب الأساسي في تكدس الاحاسيس الضارة داخل نفسك فعلك اتخاذ قرار واضح بتنظيف طاولتك من مشاعرك تجاههم . يجب أن تفعل ذلك بإصرار ودون تردد لأن كلما ستعيشه لاحقاً سيكون نتيجة لكل الجهود التي قمت بها بكفاءة لإدارة ذاتك.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
@elhamaljafar

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى