لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ

بقلم / ابتسام الزهراني  

أيام معدودة ويحل علينا شهر الخير والبركات ضيفاً مباركاُ ينتظره جميع المسلمين والمسلمات بكل شوق، ومن المؤسف ما يصيب الكثير من الأسر من داء حمى التسوق فتنتشر ظاهرة الإسراف في الأطعمة والمشروبات في شهر رمضان المبارك وأصبحت هذه العادة السيئة صفة ملازمة لجميع الأسر الميسورة والفقيرة منها أيضاً، حيث ينفق الكثير منهم ضعف ما ينفقه في بقية الأشهر.

السؤال المطروح هنا ؟:
هل هذه المظاهر من تعظيم الشهر الفضيل ؟؟
وهل تعظيم الشهر الفضيل يكون بالإنفاق على الطعام والشراب؟؟
قال الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِين َ[الأعراف 32 ] أن التبذير وعدم ترشيد الاستهلاك في حاجات الفرد اليومية ومنها الطعام والشراب أضرار خطيرة يصاب بها الفرد ومن ثم تنتقل للمجتمع بأسره فإهدار المال والإسراف في الطعام والشراب من السلوكيات التي نهى وحذرنا الله سبحانه وتعالى منها , والدليل على ذلك بأن الله وصف المبذرين في كتابه المبين بأنهم إخوان الشياطين.
قال تعالى في كتابه: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ )[ الإسراء 27]] وفي رد لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله عن حكم الاسراف والتبذير قال : بان الإسراف والتبذير لا يجوز لا هذا ولا هذا ربنا يقول جل وعلا: وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ ويقول سبحانه: وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا والإسراف الزيادة في الأكل على وجه يضر الآكل أو يحصل منه إضاعة المال بغير وجه، والتبذير صرف الأموال في غير وجهها هذا تبذير والزيادة في هذا بغير حاجة يسمى إسراف.
لذلك كان لزاما من كل مؤمن ومؤمنة يؤمن بالله وبما أنزله بكتابه, ويؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم ,أن يعي قيمة حفظ المال والموارد وعدم الإسراف واستخدامها بما يتناسب وحاجاته..

لاشك فيه التغيير المعيشي الاقتصادي حاليا قد اختلف من أسرة لأخرى ومع ذلك مازالت العادات والتقاليد هي المسيطرة على سلوكيات افراده في هذا الشهر الفضيل ومازال التمسك بإقامة موائد الافطار التي لا نهاية لها من اجل إرضاء الاخرين ..
ولكن إلى متى ؟؟؟ ومن المسؤول ؟؟
الاجابة المنطقية ستنتهي هذه الظاهرة اذا تظافرت جهود أفراد المجتمع للحد من هذه الظواهر وعند رفع الوعي الصحي والثقافي والاقتصادي ستزول . بأذن الله
و تكمن المسؤولية المجتمعية في رحى رب /و ربة الأسرة في رفع سقف الوعي لكل من هم تحت مسؤوليتهم , , وعليهم انكار منكر الهدر والتشديد على ترشيد الاستهلاك وعدم الإسراف والتبذير الذي سوف تنتهي به صناديق النفايات..
و على الوالدين والقطاع التعليمي تقع مسؤولية مجتمعية , وهي التعاون من أجل نشر الوعي الثقافي بأسلوب توجيهي مقبول لأفراد الأسرة والابتعاد عن طرق التوجيه التعسفية الاعتيادية باتباع أسلوب المنع وبدون توضيح عواقب ذلك .
أعزاءنا القراء : نعم لا شك فيه نحن مع التجديد في أصناف المأكولات والمشروبات لإبعاد الروتين والملل من الطعام المتكرر ولكن بشرط أن يكون بقدر حاجة كل فرد في الأسرة الواحدة .
ولكن ما المانع لو اقتصر طعام الافطار الرمضاني على نوع او نوعين كل يوم , فالليالي طوال والأيام قادمة للتمتع ببقية الأطعمة والمشروبات؟؟؟.
و لا يخفى عليكم جميعاً من فرض الاجراءات الاحترازية في ظل هذه الجائحة ( كوفيد 19) فقد تم إلغاء موائد الإفطار في المساجد حفاظاُ على صحة جميع أفراد المجتمع.

ولنا همسة نبثها لكل فرد في المجتمع أن يجعل للجار والفقراء من العمال الذين يعلم فاقتهم في هذا الشهر نصيب من هذه الأطعمة ,وذلك بتلمس حاجاتهم في أماكن سكنهم, وتجمعاتهم وتقديمها لهم بطرق صحية آمنة, فقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم :« يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها، وتعاهد جيرانك».

وعلى كل راع في المجتمع تقع مسؤولية كبيرة في رفع القيمة المادية للمال وأن استهلاكه بهذه الطريقة فيه هدر للمصروفات وترشيد الاستهلاك وتبني مبادرة الترشيد الواعي وأنه لو صرفت في أمور أخرى تهم حاجات الفرد لكان أنفع له.

‏وهنا علينا أن نكتشف مواطن الخطأ في سلوك الإسراف والتبذير وماهي أسبابه حتى نتمكن من الابتعاد عن هذا السلوك السيئ ؟؟؟ وأترك لكم الإجابة !

* هل ترون قد يكون السبب هو التقليد الاعمى للغير ومحاولة مجاراتهم بكل احوالهم وان لم تكن تناسب حالتهم المادية المتواضعة !!
* وهل لأن الأغلب يكرر هذه المقولة (انه تقليد اجتماعي ولو انصرفنا لترشيد الاستهلاك لوجدنا الانتقاد لنا ووصفنا بالبخل )!!
‏* و هل محبة الرياء والسمعة امام مجتمعهم العائلي من اسباب تفشي الاسراف والتبذير !!!
*ومن المؤكد أنكم تتفقون معي بانه لو كان المرء يخشى الله حقاُ لتجنب سخط الله وان حفظ النعم هي عبادة يحثنا الاسلام عليها وشكر الله هي من اسباب البركة والفوز بالأجر والثواب .
قال الله السميع العليم [وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ( إبراهيم 7)
فزَوَالُ النِّعَمِ مُرْتَهَنٌ بِالكُفْرِ ، و حِفْظَ النِّعَمِ مِنَ الزَّوَالِ مُرْتَهَنٌ بِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى فِيهَا كَسْبًا وَ إِنْفَاقًا ، وَ شُكْرِهِ سُبْحَانَهُ عَلَيْهَا .».
ختاماُ فلنتدبر معاُ :
فلنتدبر معاٌ هذهِ الآية[ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ](التكاثر 8)
( مع ما ذكره الرسول الكريم من توجيه للصحابي
[قالَ الزُّبَيْرُ يا رسولَ اللَّهِ فأيُّ النَّعيمِ نُسأَلُ عنهُ وإنَّما هما الأسوَدانِ التَّمرُ والماءُ قالَ :(أما إنَّه سيَكونُ)!!!
الراوي: الزبير بن العوام المحدث: الألباني المصدر: صحيح الترمذي
فاذا كانوا هذا ما يملكون في زمانهم ومع ذلك سيُسألون عن الأسودان ( التمر والماء)
فتفكروا كيف سيكون سؤالنا !!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى