الحاجة في لسان الشعراء

بقلم / حمود الصهيبي  

كما وردت في معجم الغني والمحيط , هي الافتقار والرغبة الماسّة إلى المساعدة وقد دوّنت في كتب الأدب الكثير من الأبيات والقصائد .. التي تكشف لنا جانباً مهمّا في علاقتها بـ نفوس الشعراء .. .. بالرغم من اختلافها من شاعر إلى شاعر .. لكن .. ربما يأتي اصدق الشعر في هذه ” الحاجة “.. ممّا يشفع لنا تحْوير المثل من الحاجة أم الاختراع .. إلى الحاجة أم الإبداع .. ولذلك .. أردتُ البحث عن أبيات الحاجة في الشعر الشعبي .. وطريقة تناولها .. رغم أنها كثيرة أو أكثر من أن يأخذها قانون الضبط والحصر .. فالمسألة متوارثة ..
قال ابن المقفع ” لكل مخلوق ٍ حاجة ” وحسبي أن الشعراء الآن أكثر “المخاليق ” .
من صفات العرب قديماً الصبر والجلد وعدم إظهار الحاجة ما داموا قادرين على إخفاء حاجتهم وإخفاء ما يصيبهم من النكبات وخير دليل على ذلك ما حدث مع الشاعر سرور الأطرش والذي كان له صديق يدعى حماد بن حمد بن صقية التميمي حيث قيل انه في سنة من السنين صار على سرور حاجة ثم تلا هذا دهر ومات اكثر حلاله ومواشيه فكتب لصديقه حماد يوضح له حاجته بطريقة رمز من الشعر وعندما وصلت أبيات سرور لحماد أرسل له مبلغاً من المال وقال للرجل الذي أرسل المبلغ معه إن كان وجدت سرور فسلمها بيده وإلا فسلمها لأهله والأبيات هي:
إنا اليوم يا حماد ربعي تفرقوا
كما ملح احسي بالغدير وذاب
أنا اليوم ما تقوى عضامي تقلني
ولا من صديق لا نخيته جاب

يقول عبد الكريم الكيلاني ”
الشعر قطعا ليس حاجة , ولكنه بالقطع تهذيب لهذه الحاجة من خلال دفعها إلى هيبها الأول التي كانت عليه _ دفعها إلى تحرير خطابها من خضوعه الطويل لكل ما هو جامد يظل يتحلى بسكونه وما يتفق ومقدار الحاجة إليها ” , لذلك ..نجد اختلافاً متفاوتاً بين ” حاجات ” شعرائنا
حيث أن الحاجة في لغة وقاموس هلال المطيري .. بعيدة عن الزهد والرضى ..إن جاز التعبير , فهي تتشبث بكل ما ترى وتشاهد .. إلى أن انتهى ” بهما ” الأمر للتحسّب . يقول هلال :
كل ما شفت ظل ٍ حاجتي قيلت به
حسبي الله على الحاجة ونعم الوكيل !
ثم نجد تعبيراً آخر للحاجة عند علي السبعان .. لعلّه أكثر عمقاً وجمالاً من بيت / حاجة .. هلال المطيري .. لما تضمنّه من ضوء ٍ مختلف .. يقول علي :
كانك تعز الكريم ان جاك محتاجك
أنا أشهدني كريمٍ حدته حاجة
هذا ما لم يسايره مساعد الرشيدي عندما اكتفى بعرض الحاجة , بين ستة أمور ٍ تشكّلت في ذاكرته على هيئة حيرة ٍ لا جواب لها .. إذ يقول :
بين نار الصخا والقل والحاجة
والمشاريه والخلان والطيبة
في حين نرى الحاجة عند القريطع علي , تأخذ سبيل الموت الذي لا يقتل ! .. حينما ترتبط بمن لا يثمن موقفه .. يقول علي :
على الحرام ان المواقف بعضها موت
على العفن لا حدك ردى الوقت والحاجه
مجعد الرشيدي كتب بيت القصيد في الحاجة كما أزعم في مقالي هذا .. والذي .. يقول فيه مجعد :
والله ما يقهرك يا كود حاجة
لا صار في وقتك حيا وانت محتاج
وختامها حاجة ! لحمود الصهيبي
يومٍ لك الحاجة وانا اقوم واطيح
ويومني أحتجتك تخليت عني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى