التوازن الإداري بين التعلم والتجاوز
في بيئة العمل، تعتبر العلاقة بين الموظفين والمدراء أو القادة أساسية لتحقيق أهداف المؤسسة وضمان استمراريتها. ولكن، تنشأ بعض التحديات في هذه العلاقة، خاصة عندما يتعلق الأمر بتعلّم الموظفين واكتسابهم للمعرفة من المدير أو القائد، ومن ثم تجاوزهم لهذا الشخص من خلال استشارة آخرين أو القفز فوقه في عملية التدريب أو اتخاذ القرارات. هذه الممارسات يمكن أن تؤدي إلى توتر العلاقات في بيئة العمل، وتؤثر سلباً على الأداء العام.
قبل التطرق إلى كيفية التعامل مع هذه التحديات، من المهم أن نميز بين المدير والقائد. المدير هو الشخص الذي يشرف على العمليات اليومية ويضمن تنفيذ المهام وفقًا للسياسات والإجراءات المحددة. أما القائد، فيمتلك رؤية أكبر، ويوجه الفريق نحو تحقيق أهداف طويلة الأمد من خلال التحفيز والإلهام.
-التعلم والتجاوز
عندما يقوم الموظف بالتعلم من المدير أو القائد، من المتوقع أن يتبع التوجيهات والإرشادات المقدمة له. ولكن قد يحدث أن يشعر الموظف بأنه لم يتشبع من المعرفة التي حصل عليها، مما يدفعه إلى استشارة آخرين دون الرجوع إلى المدير المباشر. هذا التصرف يمكن أن يعتبر تجاوزاً للصلاحيات الممنوحة للمدير أو القائد، ويُنظر إليه على أنه تقليل من قيمة المعرفة أو الخبرة التي يمتلكها.
-التسرع في اتخاذ القرارات
التسرع في اتخاذ القرارات دون استشارة المدير أو القائد قد يؤدي إلى أخطاء قد تكون مكلفة للمؤسسة. الموظف الذي يسعى للاستقلالية دون مراعاة التوجيهات قد يتسبب في تضارب القرارات أو اتخاذ مسارات غير محسوبة. هذا السلوك يمكن أن يؤدي إلى فقدان الثقة بين المدير والموظف.
-تجاوز المسؤول في التدريب
في بعض الأحيان، يقوم الموظف بتجاوز المدير أو القائد في عملية التدريب، سواء من خلال البحث عن مصادر خارجية أو الاعتماد على نصائح من موظفين آخرين. هذا التجاوز قد يعكس رغبة في الحصول على المزيد من المعرفة، لكنه في الوقت نفسه يعكس عدم رضا ضمني عن التدريب المقدم من المدير، وقد يخلق حالة من التوتر أو الشعور بعدم الاحترام.
ولكن كيف يجب علينا أن نتعامل مع هذه التحديات من كافة الأطراف؟
يجب أن يكون التعامل أولاً من خلال “بناء علاقة ثقة”
الثقة هي الأساس في أي علاقة عمل ناجحة. يجب على المدير أو القائد أن يوضح للموظفين أنه متاح دائمًا لتقديم الدعم والإرشاد. وفي الوقت نفسه، يجب على الموظف أن يشعر بأن لديه مساحة للتعلم والتطوير دون الخوف من التعرض للانتقاد.
وثانياً من خلال “تشجيع التواصل المفتوح”
التواصل الفعّال بين الموظفين والمديرين هو عنصر حاسم. يجب على المدير أن يكون واضحًا بشأن أهداف التدريب وما يتوقعه من الموظف. من ناحية أخرى، يجب على الموظف أن يكون صريحًا بشأن احتياجاته من التدريب وأي مشكلات قد يواجهها.
وثالثاً من خلال “الاعتراف بالجهود والتوجيه السليم”
من الضروري أن يتم الاعتراف بالجهود التي يبذلها الموظفون في التعلم والتطوير. على المدير أو القائد أن يشجع الموظفين على استشارة الآخرين إذا كان ذلك سيساهم في تحسين الأداء، ولكن ضمن إطار واضح من التوجيهات والسياسات التي تحترم الهيكل الإداري.
ورابعاً من خلال “تقديم فرص التعلم المستمر”
بدلاً من أن يشعر الموظف بأنه بحاجة إلى تجاوز المدير للحصول على معرفة إضافية، يمكن للمؤسسة أن توفر فرصًا للتعلم المستمر من خلال دورات تدريبية أو ورش عمل. هذا سيساعد في تلبية احتياجات الموظفين ويقلل من الشعور بعدم الاكتفاء.
ختاماً
التعامل الإداري مع المدير أو القائد يتطلب توازنًا دقيقًا بين التعلم والاحترام المتبادل. على الموظف أن يقدر التوجيهات التي يتلقاها من المدير أو القائد، وأن يسعى دائمًا لتعزيز هذه العلاقة من خلال التواصل الفعّال والثقة. من جانب آخر، يجب على المدير أو القائد أن يدرك أن دورهم لا يقتصر على توجيه الموظفين فقط، بل يتعداه إلى توفير بيئة تعليمية تشجع على النمو والتطور المستمرين.