الخذلان وأثره على النفس: عندما تغيب الأرواح الداعمة 

من أصعب المشاعر التي قد تواجهنا في علاقاتنا الإنسانية هو الخذلان، خاصة عندما يأتي من أشخاص كنا لهم سندًا ومعينًا، وقدمنا لهم الكثير دون تردد. نتفانى أحيانًا من أجل أصدقاء نراهم جزءًا من ذواتنا، نضحي لأجلهم ونمد لهم يد العون، ليس طمعًا في مقابل، بل لأننا نعتبرهم أكثر من مجرد أصدقاء. ولكن ماذا يحدث عندما لا نجد من يبادلنا هذا الشعور والدعم؟

في أوقات الأزمات، وعندما نواجه مواقف صعبة، نتمنى أن نجد بجانبنا من يسندنا بصدق، لا نريد مجرد كلمات، بل تلك الروح التي تسبق كل شيء، تلك التي تغمرنا بالراحة والإحساس بالدعم حتى قبل أن يصلنا أي مساعدة مادية أو معنوية. ولكن حين نفتقد هذا الدعم، حين نشعر بأن من كنا نعتبرهم قريبين يقفون بعيدًا أو يتهربون عندما نحتاجهم، يترسخ في داخلنا شعور قاسٍ؛ شعور الخذلان.

الخذلان لا ينعكس فقط في غياب الدعم، بل يظهر في ضعف الروح الداعمة التي لطالما افتقدناها. إن الصديق الحقيقي هو من تشعر بدعمه حتى في غيابه، هو من تحس روحه تسبق كلماته، وروحه تحتضنك في مواقفك الصعبة قبل أن تتحدث أو تطلب. فالخذلان يحدث حين يخفق الشخص في أن يكون حاضراً، بصدق وإخلاص، في لحظاتك التي كنت تحتاجه فيها.

إن هذا النوع من العلاقات يترك في النفس جرحًا عميقًا، لأن الشخص قد يراجع نفسه ويتساءل عما إذا كان يستحق هذا التجاهل أو الجفاء، رغم كل ما قدمه من دعم غير مشروط. وقد يؤدي هذا إلى شعور بعدم التقدير، مما يجعل الفرد يفكر مليًا في حدود العطاء، ليصل إلى قناعة بأن العلاقات التي لا تقوم على دعم متبادل ومشاعر صادقة ليست سوى عبء على النفس.

في النهاية، الخذلان يذكرنا بأهمية الموازنة بين العطاء والحدود في العلاقات، ويعلمنا درسًا مهمًا عن الاختيار الجيد لمن نعتبرهم أصدقاء حقيقيين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى