ثقافة الشجاعة في طرح الأفكار

بقلم/ إلهام الجعفر الشمري  

من يملك الحلم يملك القوة، ومن يملك الشجاعة يملك صناعة المستقبل. كلاهما الحلم والشجاعة مزيج صافي للإنجاز، وبينما تتقدم دول كثيرة بسبب احتضانها لطاقات العقل المُبتكر النامي دون حدود، تتقهقر دول أخرى بسبب اعتمادها على جيش النمطية من العقول التي تضمر بسبب تحديد علاقتها مع التطور وربطه بقيمة العيش فقط دون الأثر.
ولو كان هناك قيمة لتعليم شيئ فلن يكون هناك قيمة أقوى ولا أكبر من تقوية عضلات الدماغ واستخدامها على النحو الذي خلقها الله من أجله وهو التفكير والتأمل ومن ثم الاختراع والابتكار والإبداع. تلك ثقافة مازالت متواضعة في الكثير من الدول ومازالت الوصاية على العقل البشري هي المتحكمة في نموه. ومع أن تقنيات تطوير العقل البشري تكبر كل يوم في أماكن محددة من العالم مازال هناك عقول توقفت بسبب كسر مجدافها ومنعها من السباحة ضد التيار. والسبب هو أن فكرة التنشئة على طرح الأفكار بجرأة مفهوم صعب على كثير من الأسر ، بل أنه أصعب في كثير من المؤسسات . والمستغرب أن ذلك يتزامن مع تسارع رهيب في التكنولوجيا والتقنيات المختلفة . فكيف يمكن أن يُسمح للآلة أن تقطع تلك المسافات الرائعة في خدمة البشر بينما تتوقف بعض الأدمغة اختيارياً أو قسرياً عن فتح مظلاتها والانطلاق بأفكارها !
قواطع كثيرة تقف أمام هذا الانطلاق وكلها قواطع من صنع البشر محكومة بالتسلط حيناً أو الأنانية والغيرة حيناً آخر. وبين هذا وذاك نفقد شرارات رائعة لاتلبث أن يشعلها أصحابها حتى يتم إخمادها بتلك النفوس المريضة المناهضة للإبداع.
تخيل كم ستكون هناك احتمالات عظيمة في كل مجال . تلك الاحتمالات تنشأ بحرفية بعقل بشري ولو تم التعامل معها كما يجب لاجتزنا الكثير من المشكلات التي نواجهها في الحياة الشخصية والعملية . ففكرة وجود أوجه مختلفة للصورة الواحدة نفسها .. يسمح للخيال أن يعمل من أجلها ويحولها لحقيقة . والأفكار هي عبارة عن مجموعات تساؤلات تسوق إلى احتمالات ثم تُفضي إلى حلول خارجة عن المألوف. فتخيل قيمة ذلك مع تخفيف العبء عن الأفكار التقليدية وتحويلها إلى مشاريع واقعية سهلة التطبيق عميقة الأثر. إن الشجاعة في طرح الفكرة يشبه توقع الثمر من شجرة جافة .. يبدوا غريباً في البداية لكنه مع قليل من العناية والتحفيز يتحول لحصاد رطب يُغني بالكثير من النعم.
إن تنمية أسلوب الجرأة في طرح الفكرة يعني تنشيط خلايا الدماغ نحو مخارج مبتكرة والتي تبدأ بماذا لو..؟ أو إلى أي مدى ….؟ أو تخيل أننا…؟ وكلها مطارق خفيفة للدماغ لتفتح طريقاً لكل ماهو ممكن . وأجزم أن العقول البشرية بكل ماأودع الله فيها من قدرات قادرة على أن تقدم إنتاجاً فريداً مدى ماأحست بالأمان . ذلك الأمان إما تُوهب به فتكون فتيله المشتعل، أو تحتاج لمشكاة تحمي ذلك الضوء ليكبر . بمعنى آخر أولئك الذين نشأوا على احترام قدراتهم ومنحها الحرية سيشقون طريقاً وعرا ممتعاً وحدهم، بينما لن يفعل ذلك أولئك الذين أضمر لهم محيطهم الإحباط والاستخفاف، والفرق بين الاثنان في العالم الحقيقي هو فرق الأثر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلهام الجعفر الشمري
@elhamaljafar

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى