“واشنطن بوست”: خطط اليابان بشأن تعزيز جيشها تُزعج الصين

تكبير الخط ؟
يرى الكاتب والمحلل هنري أولسن، أن إعلان اليابان خطوة جيدة إذا أرادت الولايات المتحدة وحلفاؤها الديمقراطيون احتواء نفوذ الصين.
وقال أولسن في مقال بصحيفة “واشنطن بوست”، إنه على الرغم من ثقل اليابان كدولة ذات اقتصاد هائل، الذي لا يزال ثالث أكبر اقتصاد في العالم، إلا أنها تظهر أقل من ثقلها في الشؤون العالمية، ربما لأن جيشها الصغير أعاق قدرته على إبراز قوته.
تعزيز الدفاع
ويرى أولسن أنه ربما كان ذلك بسبب الهزيمة الكبيرة لليابان في الحرب العالمية الثانية، فتبنت الدولة الجزيرة مشاعر مسالمة لا تزال قائمة حتى يومنا هذا، مشيراً إلى أنه حتى خلال الحرب الباردة، أنفقت اليابان حوالي 1% فقط من ناتجها المحلي الإجمالي على قوات الدفاع عن النفس.
لكن بحسب الكاتب، فقد يتغير هذا الآن، إذ يقول رئيس الوزراء فوميو كيشيدا إن اليابان سترفع هذه النسبة إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي في غضون 5 سنوات.
وسيمول هذا بنوداً مثل زيادة قدرات الدفاع الإلكتروني، وتحويل سفينتين إلى حاملات طائرات صغيرة وهي الأولى في اليابان منذ الحرب العالمية الثانية.
وسيشمل التغير كذلك شراء صواريخ توماهوك الأمريكية، وتحديث الصواريخ اليابانية الصنع، حتى تتمكن من ضرب أهداف بعيدة مثل الصين، كما ستمنح هذه الأسلحة معاً اليابان أول قدرة عسكرية هجومية حقيقية منذ ما يقرب من 80 عاماً.
تحول جذري
ويقول أولسن إنه “من الواضح سبب قيام اليابان بهذا التحول الجذري، وهو التحالف الفعلي بين روسيا والصين وكوريا الشمالية، التي انخرطت في تعزيزات عسكرية وأعمال تزعزع الاستقرار، إذ غالباً ما هددت الصين اليابان ضمنياً إذا تحركت للدفاع عن تايوان، مثل مقطع الفيديو الي عرض على المنصة الصينية Xigua ويهدد بشن حرب نووية”.
ومن الواضح أن الفيديو الذي تم حذفه منذ ذلك الحين، كان يهدف إلى تخويف اليابان، التي لا تزال الدولة الوحيدة التي عانت من هجوم نووي، بحسب التقرير.
يرى المحلل أنه يجب على الأمريكيين أن يشيدوا بشجاعة اليابان، فبينما تظل الولايات المتحدة العمود الفقري لأي مخطط دفاعي فعال لعموم آسيا، فإنها لا تستطيع تحمل العبء بمفردها، حيث لديها التزامات عالمية ولا يمكنها التخلي عنها لتضع كل قوتها في المحيط الهادئ.
ويشير الكاتب إلى أن “الحجم الهائل لمسرح العمليات المحتمل يعمل أيضاً ضد درع دفاعي أمريكي بحت، إذ ستمتلك الصين المبادرة الاستراتيجية إذا هاجمت، ويمكنها التحرك ضد حلفاء الولايات المتحدة في أي اتجاه في غرب المحيط الهادئ، مضيفا أنه “ما يقرب من 3400 ميل تفصل بين اليابان حليف واشنطن الشمالي، وأستراليا في الجنوب، وهذا يعني أن الولايات المتحدة يجب أن تعتمد على دفاعات تلك الدول إذا كان لإستراتيجية الاحتواء أي أمل في النجاح”.
ويضيف أنه لطالما خشي البعض من أن يؤدي تنشيط الجيش الياباني إلى التمكين من العودة إلى السلوك العدواني، مشيراً إلى أن “هذا غير مرجح، والخطر الصغير الذي قد ينشأ على المدى الطويل يتضاءل مقارنة بخطر تجاهل السلوك العسكري الصيني الحالي”.
كما أضاف أن طوكيو “تعتمد على الولايات المتحدة في معظم أسلحتها المتطورة، وهو ما يظهر في شراء توماهوك. كما ستشتري طائرات F-35 أمريكية الصنع لتزويد قواتها الجوية بدلاً من إنتاج طائراتها الخاصة، ولن تجرؤ أي دولة تعتمد على دولة أخرى على التصرف ضد مصالح حليفها”.
مناورات وتدريبات
تعمل اليابان أيضاً مع حلفائها لتطوير الثقة والقدرة القتالية، وأجرت قواتها البحرية مناورات هذا العام مع سفن من الولايات المتحدة وبريطانيا.
كما وقعت اتفاقية تعاون عسكري مع أستراليا في أكتوبر (تشرين الأول)، وهي أول معاهدة من نوعها تدخلها على الإطلاق بصرف النظر عن اتفاقية الدفاع المشترك التي أبرمتها مع الولايات المتحدة.
وستجري اليابان وأستراليا الآن تدريبات عسكرية مشتركة، مما يتيح لهما تعلم كيفية القتال جنباً إلى جنب في أي صراع مستقبلي مع الصين، ويعزز هذا أيضاً أمن الولايات المتحدة، حيث يمكن أن تساعد القدرة المشتركة اليابانية الأسترالية في مواجهة أي هجوم صيني إذا كانت الولايات المتحدة مشتتة في مكان آخر.
ويشير أولسن إلى أن إعلان طوكيو “سيزعج بكين، لكن ليس لديها من تلومه سوى نفسها، إذ أنه قبل 15 عاماً، راقب العالم التطور الاقتصادي السريع للصين معتقداً أنها الأكثر ثراءً ما يعني عالماً أكثر ثراءً”.
الصين والنظام العالمي
ويأمل معظم الغرب في أن تنضم الصين إلى العالم الديمقراطي أثناء تقدمه، لكن بدلاً من ذلك، اختارت بكين إعادة تأكيد مطالبتها التقليدية بالهيمنة على أنها “المملكة الوسطى” في العالم، مركز الحضارة الذي يجب أن تنحني له جميع الدول الأخرى، بحسب الكاتب.
ويقول أولسن إن “هذا الادعاء يتعارض بشكل مباشر مع النظام العالمي القائم على القواعد الذي ترغب فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها الديمقراطيون، وهي ببساطة مؤشر آخر على أن أعضاء هذا النظام على استعداد للقتال من أجل الحفاظ عليه”.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: “دفع العدوان الصيني العالم إلى أوقات صعبة، وهذا أمر مؤسف، لكن من الأفضل أن ندرك هذا الواقع والاستعداد للقتال من أن يتعمى المرء عن التهديد والاستسلام.. يجب أن نرحب بالتزام اليابان بأذرع مفتوحة”.