تقرير | ردود أفعال العالم العربي والإسلامي على تصريحات ماكرون وموقف صامويل باتي

تكبير الخط ؟
منذ سنوات طويلة والإساءات تتجدد عبر الدول الغربية وصحفها للنبي محمد “صلى الله عليه وسلم” والرموز الإسلامية، من خلال الرسومات والكاريكاتيرات.
وفي 6 أكتوبر 2020، قدم معلم فرنسي يدعى صامويل باتي، درسًا في التربية الأخلاقية والمدنية لطلاب السنة الرابعة حول حرية التعبير، وهو موضوع مبرمج في المنهج الوطني، وعرض من خلاله رسمين كاريكاتوريين للرسول الكريم محمد “صلى الله عليه وسلم” من صحيفة شارلي إبدو، والتي كانت سببًا وذريعةً للهجوم على هذه الصحيفة في عام 2015، وتابعه بالفيلم المعادي للإسلام براءة المسلمين.
وفي 16 أكتوبر 2020، في مدينة كونفلان سانت أونورين، أقدم لاجئ شيشاني على قتل وقطع عنق معلم التاريخ والجغرافيا والتربية المدنية صامويل باتي، وقتلت الشرطة الفرنسية اللاجئ الشيشاني أثناء عملية القبض عليه. وأوقف 9 أشخاص على علاقة بالحادث.
فمن هو صامويل باتي:
ولد صامويل باتي عام 1973. كان مدرسًا لمدة خمس سنوات للتاريخ والجغرافيا والتربية المدنية، وقام بالتدريس في المدرسة الإعدادية بوا دولن، الواقعة في كونفلان سانت أونورين بفرنسا، وهي ضاحية تبعد 30 كيلومترًا (19 ميلًا) شمال غرب وسط باريس. عاش على بعد عشر دقائق من المدرسة الإعدادية، في بلدة إيرانييه الصغيرة الواقعة بإقليم فال دواز. كان متزوجًا وأبًا لطفلٍ يبلغ من العمر خمس سنوات.
أحداث متتالية:
في 2 أكتوبر 2020، كان رئيس الجمهورية الفرنسية، إيمانويل ماكرون، قد ألقى خطابًا بشأن مكافحة “الانفصالية الإسلامية”، في بلدية ليه مورو الفرنسية، وعرض هناك إجراءات لتعزيز العلمانية، وأشار إلى أن “الإسلام في أزمة”.
وخلال حفل تأبين المعلم صامويل باتي الذي قتل وقطع رأسه في أحد شوارع العاصمة باريس، أدلى ماكرون، بتصريحات مسيئة عن الرسول الكريم والإسلام واتهم المسلمين بالعنف والعصبية.
وقال ماكرون خلال الحفل الذي أقيم في جامعة السوربون: “صمويل باتي قتل لأن الإسلاميين يريدون الاستحواذ على مستقبلنا ويعرفون أنهم لن يحصلوا على مرادهم بوجود أبطال مطمئني النفس مثله”.
وأضاف: “لن نتخلى عن الرسومات والكاريكاتيرات وإن تقهقر البعض، سنقدم كل الفرص التي يجب على الجمهورية أن تقدمها لشبابها دون تمييز وتهميش، سنواصل أيها المعلم مع كل الأساتذة والمعلمين في فرنسا، سنعلم التاريخ مجده وشقه المظلم وسنعلم الأدب والموسيقى والروح والفكر”.
ووصف إيمانويل ماكرون صمويل باتي بأنه أصبح “رمزا للحرية”.
لكن هذه المرة، لم تمر تصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مرور الكرام في العالم العربي والإسلامي.
فمن هو إيمانويل ماكرون:
إيمانويل ماكرون ولد في 21 ديسمبر 1977 في أميان، هو الرئيس الثامن للجمهورية الفرنسية الخامسة، وسياسي ومصرفي استثماري فرنسي سابق، متخرج من المدرسة الوطنية للإدارة في 2004، أصبح مفتشًا ماليًا قبل أن يبدأ في 2008 العمل كمصرفي استثماري في بنك روتشيلد أند سي.
وانضم بين 2006 و2009 للحزب الاشتراكي، ثم عين في 2012 نائبًا للأمين العام لرئاسة الجمهورية الفرنسية لدى الرئيس فرانسوا أولاند، ثم وزيرًا للاقتصاد والصناعة والاقتصاد الرقمي في حكومة مانويل فالس الثانية، وذلك حتى 2016.
وفاز في الأنتخابات في 7 مايو 2017 بعد فوزه على ماري لوبن بنسبة 66.06 في الانتخابات الرئاسية. وتولى رسمياً في 14 مايو 2017 سلطاته الدستورية رئيساً للجمهورية الفرنسية.
وصف بعض المراقبين ماكرون بأنه ليبرالي اجتماعي وآخرون كديموقراطي اشتراكي. وخلال فترة حكمه في الحزب الاشتراكي الفرنسي، دعم اليمين في الحزب الذي ارتبط موقفه السياسي بسياسات “الطريق الثالث” التي قدمها بيل كلينتون وتوني بلير وغيرهارد شرودر، والذي كان المتحدث باسمه رئيس الوزراء السابق مانويل فالس، وأخيرًا ظهر الوجه الحقيقي له الذي يؤكدة عداوته للإسلام والمسلمين.
ردود أفعال العالم العربي والإسلامي على تصريحات ماكرون:
أشعلت كلمة الرئيس الفرنسي غضبا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وطالب المستخدمون بمقاطعة المنتجات الفرنسية.
وأطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي في معظم الدول العربية وسم مقاطعة المنتجات الفرنسية، الذي تصدر قائمة أكثر الوسوم انتشارا في هذه الدول حاصدا أكثر من 190 ألف تغريدة، كما نشر المغردون قائمة بالمنتجات الفرنسية الموجودة في الأسواق العربية، ودعوا لمقاطعتها.
فيما علق عدد من الكتاب في صحف عربية، على تصاعد مظاهر العداء للإسلام أو ما يعرف بـ إسلاموفوبيا، في دول غربية، وفي فرنسا على وجه التحديد، بعد قيام مراهق شيشاني لاجئ في فرنسا بنحر معلم فرنسي، عرض أمام طلابه صورا كرتونية عارية للنبي محمد.
ويرى فريق من الكتاب أن المضايقات والاستفزازات للأجانب، والمسلمين بشكل خاص، في فرنسا غير مسبوقة وتهدد السلم الأهلي فيها.
بينما رأى آخرون أن الأزمة تكمن في أن الإسلام في فرنسا “لم ينجح في التعايش مع الدولة العلمانية، التي تسمح بالاختلاف في حدود احترام مقوماتها”.
وأعقب ذلك قيام الحكومة الفرنسية بغلق عدد كبير من المساجد، والجمعيات الخيرية والأندية الإسلامية.
تعليق منظمة التعاون الإسلامي:
تابعت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي استمرار نشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، مستغربة الخطاب السياسي الرسمي الصادر عن بعض المسؤولين الفرنسيين الذي يسيء للعلاقات الفرنسية الإسلامية ويغذي مشاعر الكراهية من أجل مكاسب سياسية حزبية. وقالت منظمة التعاون الإسلامي إنها ستواصل إدانة السخرية من الرسل عليهم السلام سواء في الإسلام أو المسيحية أو اليهودية.
تعليق الأزهر:
اعتبر شيخ الأزهر أن وصفُ الإسلام بالإرهاب يَنُمُّ عن جهلٍ بهذا الدين الحنيف، ومجازفةٌ لا تأخذ في اعتبارها احترام عقيدة الآخرين، ودعوةٌ صريحةٌ للكراهية والعنف، ورجوعٌ إلى وحشية القرون الوسطى، واستفزازٌ كريهٌ لمشاعرِ ما يقربُ من ملياري مسلمٍ.
دور الدول العربية:
توجد جهود لبعض البلدان العربية، مثل: المملكة العربية السعودية والكويت ومصر، تصب في دعم الأقليات المسلمة في بلدان الغرب، وتعزز المحافظة على هويتها الإسلامية، ونيل حقوق أبنائها السياسية والاجتماعية والاقتصادية من خلال إقامة المراكز الإسلامية، المساجد، الأكاديميات العلمية، الجامعات والمعاهد والمدارس، والكراسي، إضافة إلى الأعمال الإغاثية والإنسانية. وتسعى جاهدةً إلى مضاعفة هذه الجهود وعدم اقتصارها على الدعم المادي، بل أيضا الدعم المعنوي والعلمي والسياسي.