الإقتصادية

منتدى “الجبيل للاستثمار 2025م”: خارطة وطنية لتعزيز الاستثمار والتكامل الصناعي

حمدان الكريع / سعود العودة  

في ظل التحولات الاقتصادية الطموحة التي تشهدها المملكة ضمن رؤية السعودية 2030م انطلقت فعاليات منتدى “الجبيل للاستثمار2025م” بمشاركة واسعة من المسؤولين وصنّاع القرار والخبراء من القطاعين الحكومي والخاص، بهدف بحث سبل تعزيز البيئة الاستثمارية الوطنية، وتكامل الاستراتيجيات التنموية في مختلف مناطق المملكة.
وشكّل المنتدى منصة حيوية لعرض أبرز الفرص الاستثمارية المتاحة في مدينتي الجبيل ورأس الخير والمنطقة الشرقية بشكل عام، إضافة إلى مناقشة المبادرات الداعمة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وسبل رفع قدرتها التنافسية في الأسواق الإقليمية والدولية.
وافتتحت الجلسة الأولى تحت عنوان “تكامل استراتيجيات التنمية في المملكة”، وأدارتها الإعلامية ازدهار علاف، بمشاركة وكيل وزارة الاستثمار لخدمات المستثمرين المتكاملة محمد أبا حسين، ووكيل وزارة الصناعة للتطوير الصناعي المهندس عبد العزيز الأحمدي، ووكيل وزارة النقل للتخطيط المهندس إبراهيم الجبير، ونائب الرئيس للمشتريات والعقود في أرامكو السعودية خالد الهاجري. أكد المتحدثون خلالها أهمية التركيز على الابتكار وتوسيع نطاق التنوع القطاعي، وشددوا على أن الاستراتيجية الوطنية للاستثمار التي انطلقت بالتزامن مع رؤية 2030 بنيت على مكامن القوة التي تتمتع بها المملكة، واستهدفت توزيع الاستثمارات بناءً على المزايا النسبية لكل منطقة.
وبيّنوا أن هذه الاستراتيجية ارتكزت على أربعة مبادئ أساسية تشمل سهولة ممارسة الأعمال، وتكلفة الأعمال، وإدارة المخاطر، والفرص الاستثمارية، والتي انبثقت منها أربع ركائز تنفيذية. وتتمثل هذه الركائز في تطوير الفرص الاستثمارية من خلال شراكات تكاملية مع الجهات المعنية، وتعزيز دور المستثمرين المحليين والأجانب، مع التركيز على دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى توفير خيارات تمويل محفزة، وتعزيز القدرة التنافسية والممكنات الاستثمارية.
وأشاد المشاركون بنجاح تجربة مدينة الجبيل الصناعية في خلق بيئة جاذبة للمستثمرين، مؤكدين ضرورة تعميم هذه التجربة في المدن والمناطق الصناعية الأخرى. كما شهدت الجلسة الإعلان عن مشروع “منطقة التجارب”، الذي تنفذه وزارة النقل بالتعاون مع وزارة الصناعة وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وهو مشروع نوعي يمتد على مساحة 1.5 كيلومتر مربع، ويتيح اختبار تقنيات متقدمة مثل الطائرات دون طيار والسيارات ذاتية القيادة وأنظمة شحن السفن الذكي، مما يفتح آفاقًا واسعة أمام المستثمرين ورواد الأعمال في المملكة.
واستعرض وكيل وزارة الاستثمار للسياسات والتشريعات، الدكتور فارس القرني ملامح نظام الاستثمار الجديد، الذي يهدف إلى تهيئة بيئة محفزة وجاذبة للمستثمرين من خلال سلسلة من المبادرات والحوافز. كما قدّم الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية للجبيل ورأس الخير المهندس محمود الذيب عرضًا تناول أبرز الفرص الاستثمارية في المدينتين، مؤكدًا أن البنية التحتية المتقدمة والممكنات التنافسية جعلت منهما بيئة مثالية للاستثمارات الصناعية.
أما الجلسة الثانية، التي حملت عنوان “المنطقة الشرقية وجهة استثمارية جاذبة”، فقد ناقشت مكانة المنطقة الشرقية الاقتصادية، باعتبارها مركزًا استثماريًا حيويًا بفضل بنيتها التحتية القوية، وتنوعها الاقتصادي، وموقعها الجغرافي الاستراتيجي. أدار الجلسة المستشار الإعلامي خالد العقيلي، وشارك فيها الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير المنطقة الشرقية المهندس عمر العبد اللطيف، والرئيس التنفيذي للهيئة الملكية للجبيل ورأس الخير المهندس محمود الذيب، ومدير عام التخطيط الاستثماري بأمانة المنطقة الشرقية المهندس عبد الله البقمي، ومدير فرع وزارة الاستثمار بالمنطقة الشرقية المهندس عبد الحميد الشعوان. تناولت الجلسة مشروعات رئيسية أبرزها إنشاء مدينة استدامة تُعنى بإعادة تدوير المخلفات الصناعية والصلبة، ومشروع المدينة العمالية على مساحة تزيد عن مليوني متر مربع، والذي يهدف إلى توفير بيئة سكنية نموذجية للعاملين في مدينة الجبيل. كما تم التأكيد على أن مدينة رأس الخير للصناعات التعدينية تمثل الوجهة الصناعية المقبلة في المملكة، لما لها من دور مرتقب في دعم الناتج المحلي وتنويع القاعدة الاقتصادية.
وفي الجلسة الثالثة التي جاءت بعنوان “تعزيز تنافسية المنشآت الوطنية.. أدوار ومبادرات داعمة للتكامل والنمو”، تمت مناقشة آليات تمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة من التوسع في الأسواق العالمية، عبر تقديم دراسات تفصيلية تساعدها في تحديد القطاعات الواعدة، وتحليل نقاط القوة وفرص التحسين لديها، وتطوير خطط تصدير فعالة، والمشاركة في المعارض الدولية. شارك في الجلسة كل من مدير أول للمعادن والتعدين التجاري في وزارة الاستثمار هشام بن علي الحفاف، ومدير إدارة الشراكات المحلية في “منشآت” إبراهيم بن عبد الله الحميزي، ومدير تدريب وتطوير المصدرين في هيئة تنمية الصادرات عبد الله بن أحمد الغامدي، ومدير تطوير اتفاقيات القطاع العام بهيئة المحتوى المحلي المهندس أحمد بن عبد العزيز الربيع، ومدير تطوير استراتيجية المنتجات في بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة معتز بن عبد الله العسكري، وترأس الجلسة عمر بن أحمد باحليوه، رئيس مجلس إدارة شركة ديوان الأعمال الأساسية. وأكد المشاركون أن القوة الشرائية العالية في المملكة تمثل حافزًا قويًا لتطوير المحتوى المحلي، خاصة من خلال اعتماد آلية التفضيل السعري، وإدراجه ضمن الشروط الإلزامية في العقود الحكومية، ما ينعكس بشكل إيجابي على تعزيز القدرات الصناعية المحلية وتوفير فرص وظيفية ورفع مستوى الاكتفاء الذاتي.
واختتم المنتدى أعماله بجلسة رابعة تحت عنوان “الاستثمار في الطاقة المستدامة محرك للنمو الاقتصادي”، أدارها المهندس سهيل جنبي مدير عام قطاع الطاقة بوزارة الاستثمار، وشارك فيها الدكتور فادي الفياض مدير عام تطوير الاستثمار في مدينة الجبيل الصناعية ورأس الخير، وزياد العفالق مدير عام تطوير الأعمال في صندوق التنمية الصناعية، والمهندس أحمد غيث مدير عام قطاع الاستثمار في شركة “جبين”، والمهندس سطام المطيري نائب الرئيس للمبيعات في شركة الفنار.
واتفق المشاركون على أهمية الاستثمار في الطاقة النظيفة والمستدامة كأحد المحركات الرئيسة للنمو الاقتصادي، مشيرين إلى أن البنية التحتية المتقدمة في مدينة الجبيل والمنطقة الشرقية توفر قاعدة صلبة لجذب الاستثمارات في هذا المجال.
كما شددوا على أن هذه الجهود تنسجم مع مستهدفات رؤية 2030م لا سيما فيما يتعلق بتعزيز الاقتصاد الأخضر، وخفض الانبعاثات الكربونية، ورفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي، بخاصة وأن مدينة الجبيل الصناعية ورأس الخير تعد اليوم نموذجًا متكاملاً للبنية التحتية الداعمة للاستثمار في الطاقة النظيفة والتنمية المستدامة.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى