متكأ قلم .. مالا يبثه لسان ولا يصفه بيان

بقلم / ابتسام الزهراني  

اليوم هو الخامس من رمضان وقد مضت بعض لياليه الفضيلة و لا يختلف احد منا بأن الروحانية العظيمة التي تشعر بها النفوس التي مالا يبثه لسان ولايصفه بيان , في هذا الشهر الفضيل تختلف اختلافاً جذرياَ عن بقية المشاعر الروحانية لإحدى عشر شهر من شهور السنة.
فمن استغل هذا الشهر الفضيل بالأعمال الصالحة حتماً ذاق حلاوة الروح وراحة القلب، وبان له الفرق، فانكسار النفس وخلو البطن هي حياة للروح وهي الهدف الجليل من فرض الصيام , فالصيام ليس إمساك عن الطعام والشراب فقط بل هو إمساك اللسان عن الكذب والغيبة والنميمة وإمساك كل الجوارح قولاً وعملاُ عن الظلم والتوقف عنه من الآن .
فلا عجب لهذه الروحانية وهذا السمو في النفوس الصائمة التي تخلت عن كل حاجاتها ورغباتها فقط من أجل ان تفوز برضا الله والطمع في الأجر والثواب العظيم فيما عند الله في الآخرة.

فالصوم يصيب القلب باللين ويصلحه وينقيه من الشهوات والشبهات كما ينقي الثوب الابيض من الدنس.

ولو سألت الصائم عن سبب هذه الروحانية في الصيام لردد ملياُ هي مشاعر لا يدركها إلا من وصل للسلام الداخلي والخارجي وحقق الاتزان الروحي والجسدي .

قد يقول قائل قد اختلفت الروحانية لدى الكثير منذ العام الماضي وأن هذا الإحساس والشعور الروحاني افتقدناه بسبب الأزمة الصحية التي أصابت العالم عامة ( كوفيد 19) وقد تجلت في شهر رمضان خاصة ولكن الرد الحاسم لكل هذه الإحباطات والضوضاء هي أنه سيظل رمضان شهر مستثنى في قلوب المسلمين , وتبقى بركته وروحانياته ساكنة في قلب كل مسلم ومسلمة وأنها بالعكس تماماً كانت فرصة لكل مسلم ومسلمة لمزيد من التقرب من الله عز وجل و واستثمار أوقاتهم بالتمسك أكثر بالعبادات والصلوات وقد قيل إن لرمضان نفحات لو علم المؤمن بمغانمها لسجد لله شكرًا وما رفع رأسه من شدة عرفانه.

كل منا يسعى ليصل لروحانية تبقى معه طوال حياته ويرغب ان تبقى في أوج حالاتها في الشهر الفضيل ولتقوية هذا الجانب الروحي علينا بالأتي:
*-الاستعانة بالله وحق التوكل عليه
*-البدء بتنقية القلب من الشهوات والشبهات
*-تقوية الوسائل التي تقربك من الله ومنها وكل ما يحقق السلام الداخلي (الدعاء – الانتظام في الصلوات بوقتها –صلة الأرحام – الصدقة – والخ…)
*-محاسبة النفس من وقت لأخر والوقوف على تصحيح اخطائها فهذا يخفف من لوم النفس الدائم فيبعث فيها الراحة والسكينة
*- أجعل حياتك كلها لله عن طريق الترابط بين جميع أهداف حياتك وإرضاء الله في كل خطواتك وان يكون رضى الله نصب عينيك في كل حالاتك وأوقاتك. ”

وبأذن الله مع هذه الوسائل التي أراها أساسية في تحقيق طاقة روحية وسمو روحاني تيقى معنا بشكل دائم ولا نخشى فتور الروح على المدى الطويل ولنعلم جلياُ لن يصل إليها إلا من صام من أجل الله بصدق.
قد وصل النبي محمد-صلى الله عليه وسلم إلى هذه الدرجة من السمو الروحي بين العبد وربِّه، وما كان هذا إلا لصفاء سريرتِه، وحبِّ الله -تعالى- له، الذي جعل محبَّتَه وطاعتَه شرطًا لمحبَّة الله، فقد قال الله جل في علاه: “قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ”، (آل عمران: 31، 32). [1] ختاماُ :نسأل الله أن نصل لهذه الدرجة من السمو الروحاني وأن تتغلب الروح عن رغبات وحاجات الجسد الزائلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى