مقومات الجمال الحقيقي وأسراره

الجمال كلمة شاملة ، جامعة تجمع بين جمال الروح وجمال الجسد ، وبين جمال الظاهر وجمال الباطن كما جمعت بين جمال الأشياء وجمال الصفات .
ويتباين الناس في التعريف عن هذا الجمال فالكل يُعّرِف الجمال من منظوره الخاص والكل يسعى ويبحث وينافس على ذاك الجمال الذي سيميزه عن الآخرين !!
الجمال مطلب الجميع :
يختلف البشر في طباعهم وصفاتهم ، ورغم ذلك قد يتفقوا في بعض الأمور حتى وان اختلفت أجناسهم ، منها أمر الجمال فالكل يهتم به بدون استثناء والجميع يبحث عنه فأين يكمن هذا الجمال الحقيقي ؟ وما طريقة أن نتصف ونتميز به؟ وماهي أسراره؟
تراودنا الأسئلة وقد نصل الى اجابات مختلفة ، فكلٌ منا له تصوره الخاص عن الجمال والذي يرى من خلاله مبلغه الذي سيصله الى ذالك الجمال !!
ففي الأدب تغنى الشعراء منذ القدم بالجمال الظاهري من الوجه والملامح والجسد وألأماكن وذكرياتها ، وعند الفلاسفة الحديث عن الجمال له مواضيع فلسفية جمالية ذو زوايا مختلفة من المنطق والعقل ، وفي الأدب الروائي توجد القصص من التراث الى الروايات المخلدة والأغلب فيها عنصر الجمال مرتكز على جمال الظاهر وملامحه ولكن يبقى السؤال هل هذا هو ما نقصده حقاً من البحث عن الجمال ؟
الجمال الحقيقي والزائف :
الجمال الحقيقي للإنسان والذي نبحث عنه ونقصده بحديثنا هو الذي يكمن بداخل أنفسنا ويشع منها وينعكس على شخصيتنا وحتى على هيئتنا الظاهرية .
ولأن المجتمع عبارة عن مجموعات كبيرة من الأفراد فالآراء تختلف عن مقاييس الجمال بين شخص وآخر وان لم تختلف على أهمية الجمال الداخلي والذي نسميه بالجمال الحقيقي للإنسان ، فالمظاهر زائلة ومؤقته وبعض المظاهر تختفي مع مرور الوقت وتغيرها والذي يبقى ولا يتغير هو جمال النفس ، فالاتصاف بالأخلاق وبالقلب السمح المعطاء والتزين بالطيبة والمحبة ولين الحديث يعطي روحك جمالاً لا يضاهيه جمال المظاهر الخادعة ، والتي تتزين بالأسماء البراقة وتهتم بتجميل الخارج متجاهلة بترويض واصلاح ما وراء الظاهر من روح ونفس تحتاج الى اصلاحات جمالية حقيقية ، فالجمال الحقيقي كالوردة الجميلة رائحتها عطرة وخارجها جميل أما جمال المظاهر فهو كالوردة المصنعة لا عطر فيها وجمالها زائف .
الجمال احتياج الجميع لافرق فيه بين ذكر وأنثى فجميع البشر يهتم بأمر الجمال وإن ظن البعض او تظاهر بأنه اهتمام النساء فقط .
وبمقالنا هنا لانقصد بالجمال المعنى العام المتداول بالجمال والذي هو الجمال الخارجي ، ولكننا نريد ان نسلط الضوء الى الاهتمام بالجمال الحقيقي للإنسان و الذي يكمن في دواخل النفس ويحتاج أن نظهره لننشر رائحة عطره الزكية ، فالجمال الداخلي الذي نقصده هو نشر الخير والحب في مجتمعنا، روح التعاون، الايثار ، الكلمة الطيبة ، الصدق ، الأمانه
جميعها مكونات وأسرار الجمال الحقيقي والتي تزيد من تألق الإنسان وتميزه وتجعله يتربع على قلوب من يعرفه ، وبعكسها يجب أن نبتعد عن الأنانية، والحقد ، الحسد، الغرور ، ونشر الشر وغيرها من الصفات البذيئة والتي هي من العوامل التي تسرق وتسلب الجمال الحقيقي وتنفر الجميع من الذي يتصف به.
فكل صفة محمودة تزيدك جمالاً وتوسع دائرة محبيك ، وكل صفة ذميمة تسلب منك جمالك الداخلي وتزيدك نفوراً في مجتمعك .
فمهما كان مظهرك الخارجي ومهما تزينت بالغالي والنفيس يجب عليك قبلها أن تتحلى بمقومات الجمال الداخلي ، فلا ينفع جمال الخارج ان لم يكن مابالداخل جميلاً.
فمهما كان الخارج جميلاً، يحتاج أن يُجَّمل بالجمال الداخلي .
،فقد نرى الوجة جميلاً والحديث بذيئاً يجعلك تنفر منه ، وقد يكون الظاهر عادياً والحديث استثنائياً يجعلك أكثر قرباً منه ، كل المقاييس تختلف ويبقى الفاصل مايتركه الأثر من جمال على نفوس الآخرين .