الثقافية

بحور “الشعر العربي” ستة عشر.. تعرف عليها

درة - قسم التحرير:  

بحور الشعر العربي.. لقد نَظَمَتِ العرب الشعر قبل أن يكتشف الخليل بن أحمد الفراهيدي بحور الشعر العربي الحالية، وكانَ أساس الكتابة يعتمد على السليقة العربية والفطنة وعلى الموسيقا الشعرية المخصصة لكلِّ قصيدة، وهذا دليل دامغ على فطنة العرب وفصاحتهم العظيمة.

وبحور الشعر أو البحر الشعري اصطلاح يُطلَق على مجموع التفاعيل التي تنظم عليها أبيات الشعر، والتفاعيل هي الأوزان، والبحر هو ذلك العقد الذي ينظم عليه الشاعر قصيدته.

وعندما جاء الخليل، قام بوضع علم يُعنى بأوزان الشعر العربي، وأسماه علم العروض وهو أحد علوم اللغة العربية المختص ببحور الشعر العربي، وقد قسم الفراهيدي أوزان الشعر إلى بحور وكانت خمسة عشر بحرًا عند الخليل، وجاء بعد الخليل الأخفش وزاد بحرًا جديدًا فأًصبح العدد ستة عشر بحرًا شعريًّا، لكلِّ بحر وزنُهُ الخاص وجوازتُهُ وضوابطه وزحافاتُهُ.

وبحور الشعر ستة عشر بحرًا وهي: (الطَّويل، المَديد، البَسيط، الوافِر، الكامِل، الهَزَج، الرَّجَز، الرَّمَل، السَّريع، المُنْسَرِح، الخَفِيف، المُضَارِع، المُقْتَضَب، المُجْتَث، المُتَقَارِب، المُحْدَث).

وهذه البحور هي: البحر الطويل: سمِّيَ بالطَّويل لأنَّهُ طالَ بتمامِ أجزائِهِ، وهو أكثر الأوزان شيوعًا عند الشعراء الأقدمين، ويعتبر قائد البحور الشعرية المخضرم، ومثالُهُ معلقة امرئ القيس الشهيرة ويقول فيها: قفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزِلِ بسقطِ اللوى بين الدَّخولِ فحومَلِ.

البحر البسيط: وهو بحر بسيط غنائيٌّ مرن، ومن أمثلتِهِ معلّقة النابغة الذبياني الشهيرة: يا دارَ ميّة بالعلياء فالسَّنَدِ أقوتْ وطالَ عليها سالفُ الأمَدِ.

البحر الكامل: وهو بحر كاملٌ في حركاتِهِ، ومن أمثلتِهِ معلّقة عنترة بن شداد العبسي التي يقول في مطلعِها: هل غادرَ الشعراءُ من متردَّمِ أم هل عرفت الدّارَ بعدَ توهُّمِ؟.

البحر الوافر: وهو من أوفر البحور عطاءً، وقد كُتبت عليه معلقة عمرو بن كلثوم الذي يقول: ألَا هُبِّي بصحنِكِ فاصبحينا ولا تُبقي خمورَ الأندرينا.

البحر المديد: سمِّي مديدًا لأنَّ قواعدهُ امتدَّتْ في أجزائِهِ السُّبَاعية، فصار أحدها في أول الجزء، والآخر في آخرِهِ، وهو بحرٌ ثقيلٌ على السَّمعِ لذا يجتنبُهُ الكثيرُ منَ الشُّعراء، ومثالُهُ قول الشاعر: أدَلالٌ ذاكَ أمْ كَسَلُ أمْ تَنَاسٍ منك أمْ مَلَلُ أمْ -وقاك اللهُ- فِي كدَرٍ أمْ علَى الأعذارِ مُتَّكِلُ.

البحر الهزج: سُمِّي بالهزجِ لأنَّ العرب كانت تغني به، والهزج لون من الغناء، ومثالُهُ: جميلُ الوجهِ أخلاني منَ الصَّبر الجميلِ غزالٌ ليسَ لي منهُ سوى الحزنِ الطَّويلِ.

البحر الرَّجَز: وهو أقل البور تناسقًا في الإيقاع لكثرة جوازاتِهِ، وكانتْ العرب ترجزُ ارتجالًا، ومن أمثلتِهِ: يا منْ إليهِ أشتكي منْ هجرِهِ هلْ أنتَ تدري لوعةَ المَهجورِ؟.

البحر الرمل: سمِّيَ بالرَّمل لسرعة النطق به، ويمتاز بالرقة لذا يصلح لشعراء الغزل، ومن أمثلتِهِ الشهيرة قصيدة إبراهيم ناجي التي قال في مطلعها: يا فؤادي لا تسلْ أينَ الهوى كانَ صرحًا من خيالٍ فهوى.

البحر السريع: من اسمِهِ يعتبرُ أسرعَ البُّحورِ الشِّعريةِ، ويصلحُ لوصفِ العَواطف، ومثالُهُ قولُ نزار قباني في قصيدتِهِ: أكرهها وأشتهي وصلَها لكنَّني أحبُّ كرهي لها.

البحر المنسرح: سُمِّي المنسرح لانسراحِهِ أي لسهولتِهِ على اللسانِ، لكنَّه صعبٌ على الشعراء، لذا قلة من كانوا ينظمون قصائدهم عليه، ومن أمثلتِهِ: أواه يا ليل طال بي سهري وساءلتني النُّجوم عن خبري.

البحر الخفيف: سُمِّيَ بالخفيفِ لخفتِهِ طبعًا، ومن أمثلتِهِ المعلقة الشهيرة التي تقول: آذنتنا ببينها أسماءُ رُبَّ ثاوٍ يمِلُّ منه الثَّواءُ.

البحر المضارع: سُمِّي كذلك لمضارعته أي مشابهته لبحر الخفيف، ومن أمثلتِهِ: وغائبًا عن عيونِي وحاضرًا في خيالِي.

البحر المقتضب: سُمِّيَ بالمُقتضب لأنَّه اقتضب، أي اقتطع من بحر المنسرح بحذف تفعيلته الأولى، من أمثلتِهِ: قد أتاكَ يعتذرُ لا تسلْهُ ما الخَبَرُ.

البحر المجتث: سُمِّي مجتثًّا لأنَّه اجتُثَّ، أي اقتطع من بحر الخفيف بتقديم مستفعلن على فاعلاتن، ومثالُهُ: سئمتُ كلَّ قديمٍ عرفتُهُ في حياتِي.

البحر المتقارب: سُمِّيَ بالمُتقارب لقرب أسبابِهِ من أوتاده، وهو يصلح للسَّرد والتعبير عن العواطف الجياشة، ومن أمثلتِهِ: أخي جاوزَ الظَّالمونَ المُدى فحقَّ الجِهادُ وحقَّ الفِدا.

البحر المتدارك أو المحدث: هو آخرُ بحور الشعر العربي، وسُمِّيَ كذلِكَ لأنَّ تلميذَ الخليل تداركَ بهِ آخرَ بحور معلمه الذي أهمله، ويصلح هذا البحر للموشحات والغناء، ومن أمثلتِهِ ما قال نزار قباني: فمُها مرسومٌ كالعنقود ضحكتها أنغام وورودْ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى