حب الوطن (محمد صلى الله عليه وسلم قدوة حسنه ونموذجاً)

بقلم / أسيل بنت محمد الجبر  

إن من طبيعة البشر التعلق بأرض أو شخص أو دين أو غير ذلك من الأمور التي تُشبِعْ روح وقلب الانسان وترفع من مكانته، فكيف إن كان هذا التعلق بالوطن لاسيما وأن وطني هو وطن الدين الإسلامي وأرض الرسالة و الحضارات المتجذّرة في عمق التاريخ
إن حب الوطن (المملكة العربية السعودية ) مرتبط ارتباطا ًوثيقاً بحب الدين الأسلامي ولنا في رسول الله خير قدوة حيث قال :عليه السلام عندما خرج من مكة المكرمة مهاجراً إلى المدينة (ما أطيبك من بلد وأحبك إليّ ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك )
فحب الانسان لوطنه فطرة ينبض به قلبه ويجري به دمه وإن غادره لضرورة يبقى الشوق والحنين إليه ساكناً في نفسه ووجدانه.
ومما سبق نرى أن لنا في السيرة النبوية دروساً عديدة حب الوطن إحداها.
وتتعدد هذه الدروس مابين دروس العزة والإباء والصبر والثبات والعزم وبين دروس البذل والعطاء والتضحية والفداء إلى دروس المروءة والعرفان والوفاء .
ومع درس الوفاء والعرفان نستحضر قيمة عليا هي قيمة حب الوطن وهو ما علمنا إيّاه رسولنا الكريم حيث سطّر أروع مثال في حب الوطن والانتماء إليه حين خرج من مكة وقد صُودرت أمواله وبيوته وقٌتل أصحابه وعاداه قومه واتهموه بأبشع التهم لكنه خرج منها مناجياً مكة في خطابه مع مرارة الفراق قائلاً : ( لأحب البلاد إلى الله وأحب البلاد إليّ ولولا أن قومكِ أخرجوني منك ما خرجت) .
فكانت الهجرة من مكة إلى المدينة أمراً صعباً وشاقاً عليه وعلى أصحابه الذين هاجروا معه رغم ما أصابهم فيها من بلاء وعذاب  
ومع ذلك ورغم كل مامر به فإنه بعد أن عاد إليها فاتحاً نراه قد عفى عن من آذاه (فقال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء )
بل إنه ضرب أروع صور للعفو والرفق والإكرام بدلاً من الإذلال والانتقام وأعطاهم الأمان وقال : من دخل دار أبي سفيان فهو آمن .
وفي السياق نفسه نرى أن الصحابة أيضاً تعلَّقوا بالوطن وبحبه وكانوا وعلى رأسهم أبو بكر الصديق وبلال بن رباح حينما استقروا في المدينة المنورة وأخذتهم الحمى كانوا يتكلمون تحت شِدة الحرارة ويذكرون وطنهم الذي فارقوه حتى أن النبي عليه السلام كان يرفع يديه إلى السماء تضرُّعاً إلى الله إشفاقاً عليهم ويقول ( اللهم حبب إلينا المدينة كحب مكة أو أشد.
فللوطن في أعناق أبنائه أمانة يجب عليهم أن يحافظوا عليها وواجب كل إنسان أن يحافظ على أمنه وسلامته بالجهاد في سبيل الله دفاعاً عن الدين والوطن
ومما سبق نرى أن البعد عن الوطن هو البلاء بل إنه أشد العقوبات على المرء ،حيث وصف الرسول صلى الله عليه وسلم الغربة بأنها قطعة من العذاب كما روي في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه فإذا قضى نهمته فليعجل إلى أهله ).
قال تعالى : ” ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو أخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليلاً منهم ” ( النساء :66)
فكان الرسول صلى الله عليه وسلم والأنبياء من قبله جميعاً يدعون للوطن مما للوطن من مكانة عالية وأهمية بالغة .
( وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمناً وارزق أهله من الثمرات )
وإذا كانت محبة الوطن غريزية ودينية فإن كراهية الوطن مخالفة للغريزة والفطرة ومخالفة للدين ولا يكره شخص وطنه إلا لانتكاسة في عقله وفطرته .
لذا نرى أن حب الوطن ليس أمراً ثانوياً فحاجات الإنسان الأساسية تُلبّى من الوطن حيث أن حبه لوطنه يعتبر الطريق الى بناءه والارتقاء به فمن يحب وطنه سيبذل الغالي والنفيس مقابل أن يراه عزيزاً وسيبذل ويقدم كل ما يحتاج إلى عمل شاق ودؤوب من أجل تحقيق ذلك
لذا نحتاج إلى تكاتف كافة أبناء الوطن كُلٌ في مجال اختصاصه ولنا فرصة المشاركة في ذلك بالمساهمة في تحقيق محاور رؤية المملكة 2030 ليكون وطننا وطناً طموحاً بنيانه متين واقتصاده مزدهر
حب الوطن يدفع المواطنين إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية في الدولة من خلال المشاركة في بناءه وإنشاء المشاريع التي تساهم في ذلك .
لذا فواجبنا نحو الوطن هو :
حمايته ضد أي خطر أو عدوان والمحافظة على مقدراته وممتلكاته العامة من مرافق ومبان والمساهمة في تقدمه وازدهاره وعلينا أن نكون نموذجاً في الإخلاص كل حسب موقعه الطالب في مدرسته والموظف في وظيفته وربة المنزل في بيتها بحيث نؤدي العمل على الوجه المطلوب بهمة عالية مثل همة جبال طويق لنعانق بطموحنا جميعاً عنان السماء 🇸🇦💚🇸🇦
 
 
   
 الناشطه الأجتماعيه: أسيل بنت محمد الجبر
تخصص تاريخ
عضو في عدة جمعيات غير ربحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى