مقياس الشعر والشعراء عند الجمحي وابن قتيبة

“يقول ا بن قتيبة ” من اراد ان يكون عالما فليطلب فناً واحداً و ومن أراد أن يكون أديباً , فليتسع في العلوم ”
مقياس الطبقات عند ابن سلام الجمحيةالمتوفى (231 هـ) وولادة بن قتيبة 213هـ وتوفاه الله 276 هـ وهذا يعني أن بن قتيبة في كتابه أتى بعد كتاب فحول الشعراء لابن سلام الجمحي بزمن أكثر من اربعة عقود تقريبا , ويعتبر له أفضلية السبق في كتاب عن الشعر والشعراء واسماه “طبقات فحول الشعراء”، ومن قراءة العنوان يتضح الخط المنهجي الذي يسلك فيه ابن سلام الجمحي في كتابه، فهو كتاب في الطبقات: يتضمن هذا الكتاب دراسة لشعراء جاهليين وإسلاميين يورد المؤلف نتفا من أشعارهم ونبذا من أخبارهم مركزا على من اشتهر منهم
ابن سلام لم يتضمن فئة الشعراء المخضرمين فقد أسقطهم من حسابه عند التأليف، وربما فعل ذلك كي تستقيم له قسمة الشعراء إلى فريقين: جاهلي وإسلامي، صنف أربعين شاعرا جاهليا ومثلها من شعراء الإسلام ، ضم الشعراء الجاهليين في عشر طبقات، وصنف الإسلاميين في مثلها ، وجمع أربعة شعراء في كل طبقة على حدة، وحصل عنده من مجموع هذه الطبقات عشرون طبقة، وحاصل ضرب عشرين في أربعة ثمانون وهو عدد الشعراء الذين صنفهم ابن سلام في طبقاته. ومقياس الطبقات عند “ابن سلام الجمحي” تجسد في هذه الصورة الهيكلية التي ينتظم فيها الشعراء المدرسون في كتابه وفق منطق داخلي يوزع الشعراء داخل الطبقات بشكل متكافئ العدد، ويوزع هذه الطبقات إلى أعداد متوازية بين العصرين الجاهلي والإسلامي.
مقياس الطبقات عند ابن قتيبة(276 هـ)
ألف ابن قتيبة كتابه ( الشعر والشعراء)، وهو كتاب في تراجم الشعراء، ترجم فيه ابن قتيبة لما يزيد على مائة وسبعين شاعرا منهم الجاهليون والإسلاميون وكذا المحدثون، مزج في منهجيته التأليفية بين الإخبار التاريخي، والتحليل الأدبي والنقدي للأشعار المختارة الواردة في الكتاب، وكان حريصا أشد الحرص على الحكم على الشعراء بحسب ما يتوفرون عليه من جودة أو رداءة في الشعر.
و إذا حاولنا رصد بعض الفروق بين ابن سلام وابن قتيبة في موضوع التأليف في طبقات الشعراء:
– ولم يضع ابن قتيبة لكتابه منهجية طبقية ولا نظاما معينا، وإنما اكتفى بسرد أخبار الشعراء ونتف من أشعارهم، والتعليق عليها بما يوحي به المقام ، في حين أن ابن سلام سلك شعراءه في طبقات متكافئة العدد وفق تصور تنظيمي يغلب عليه الافتعال.
– فسح ابن قتيبة في كتابه مجالا واسعا لموجة الشعراء المحدثين.
– فأما المقياس الذي يحكم ابن قتيبة في المفاضلة بين الشعراء هو مقياس فني خالص يقوم على رصد مستويات الجودة أو الرداءة في الشعر المدروس، وهو بذلك يشجب مقياس الزمن الذي كان سائدا عند أنصار القديم، ولاسيما ابن سلامة، وهو مقياس مرفوض في نظر ابن قتيبة لأن الله لم يقصر”الشعر والعلم والبلاغة على زمن دون زمن، ولا خص به قوما دون قوم، بل جعل ذلك مشتركا مقسوما بين عباده، وجعل كل قديم منهم حديثا في عصره”.
بناء القصيدة يلزم ابن قتيبة الشعراء بما سار عليه القدماء , حيثُ يرى أن القصيدة لا بد أن تنقسم إلى عدة أقسام هي :
1. أن تبدا بالوقوف على الأطلال
2. ثم ينتقل الشاعر إلى النسيب
3. ثم يصف رحلته وما لا قاه من عناء
4. غرضه الذي ينبغي سواء كان مدح او غيره .
يعلل ابن قتيبة هذا الكلام , بقوله أن مقصد القصيدة أنماء أبتداء بذكر الديار والدمن والثار فشكى وبكى , وخاطب الربع واستوقف الرفيق , ليجعل ذلك سبباً أهلها الطاعنين عنها .
القضية ألتي أثارة جدلاً , ماأخذه أبن قتيبة أن لا يسير على نهج الأقدمين , في حين أنه أخذ على ابن سلام الجمحي أنه كان يسير على نهج القدمين , والأن نحث عليه عندما قال : ليس لمتأخر الشعراء أن يخرج عن نهج الأقدمين .
وقد كان أول من تكلم عن الشعر المطبوع والمتكلف , وأنها تحسب له ولكنها قد أخطأ
, ويرى أبن قدامه أن الحداثة الفارغة لا ضرورة لها ةهو ما يبرر له بخلاف ما كانوا عليه ألنقاد يأخذونه ضده , .
تتبع منهج الأقدمين , بصيغة تواكب العصر الذي يعيش فيه وقد كان يعيب على أبن سلام الجمحي , في الأخذ بمنهج الاقديمين , في كتابة طبقات فحول الشعراء , والذي صنف فيه الشعراء بمستويات فدرس أشعارهم , وميز فحل ٌ عن فحل , والجيد والأجيد منه , ولكن أبن قتيبة درس الشعر ولم يدرس الشعراء في كتابة الشعر والشعراء , وحددها مستويات أربعه هي :
1. ما جاز لفظه وحسن معناه
2. ما جاز لفظه ولم يحسن معناه
3. ما جاز معناه ولم يحسن لفظه .
4.ما قصر لفظه ومعناه
ويؤخذ على ابن قتيبة عدم وضوح مقايسة النقدية .