علاقة الفخر والعرفان

لم تكن تعلم أن تلك الأروقة التي مشت فيها يومًا كطالبة تحمل كتبها بين يديها، ستكون ذاتها التي ستعود إليها يومًا وهي تحمل تجربة عمرٍ بأكمله. كانت فتاة طموحة، تملؤها الأحلام، وترى في معلماتها قدوات رسمت لها ملامح الطريق. لم يكن مجرد تعليم، بل كان غرسًا لروح المثابرة والاجتهاد.
كبرت تلك الطالبة، خطت خطواتها الأولى في الحياة المهنية بشغف، اجتهدت، تعثرت، نهضت، وأكملت المسير حتى أصبحت مستشارة يُشار إليها بالبنان. واليوم، تعود إلى المكان الذي زرع فيها البذرة الأولى، لكنها تعود مختلفة؛ لم تعد الطالبة التي تبحث عن المعرفة فقط، بل أصبحت من يُستشار، حتى من قبل معلماتها اللاتي كنّ يومًا مناراتها، وما زلن نورًا يمتد أثره رغم تقاعدهن.
لكن الأجمل من كل ذلك، أن علاقتها ببعض معلماتها لم تتوقف عند حدود الذكريات، بل تحوّلت إلى صداقة تحمل في طياتها *”الفخر والعرفان”*. صداقة تملؤها المحبة والاحترام، تعكس امتداد الرسالة التي غرسنها فيها منذ الصغر. وما أجملها من لحظة حين تسمع إحداهن تخاطبها بحنان قائلة:
*”بُنيّتي، أحتاج رأيك في أمرٍ ما كمستشارة.”*
حينها، تشعر أنها حققت أعظم إنجاز في حياتها، فأن تكون محل ثقة من كانت لهن يومًا تلميذة، هو شرف لا يضاهيه شيء. هو فخر يلازمها ما امتدّت بها الحياة، وهو امتداد لرحلة بدأت بتوجيه معلمة، واستمرت برسالة لا تنقطع.
ثم ابتسمت وقالت في نفسها: *”وما يلقّاها إلا ذو حظٍ عظيم.”*