التصنع يفقدك ذاتك

بقلم / نهيه العديم  

يسعى الكثير من الناس الى تقمص و تقليد شخصيات أخرى ، و هذا ما يسمى بالتصنع ، والتصنع آفة ينبذها المجتمع، فكثير من الناس يتصنع الشخصية ليظهر للآخرين أنه ذو مظهر رائع، أو خلق حسن، فيكره شخصيته الحقيقية ، و يعيش في جلباب شخصيات أخرى ، ويكون تابعاً لها ، فهو يتقمص سلوك و حياة الآخرين ولكن لا يعرف ذلك الشخص أنه يقع في دوامة متعبة كثيراً، وهي دوامة التصنع فيصبح حينها غير قادر على أن يكون الشخص ذاته ، فتجده تابعاً لما يراه الناس و تصبح حياته فقط من أجل غيره وليست من أجله بتقمصه لأدوار ليست له ، و يصبح سلوكه رهين غيره ، بتتبعه لسلوك من يقلده ، و لا يعلم انه في هذه المرحلة مهما تمسك باسلوب التقمص لابد أن يصدر منه سلوك او كلمة او حتى اشارة تظهره على حقيقته المخفيه ، و بذلك يفقد التوازن النفسي ، لانه لم يكن متصالحاً مع نفسه ، آفة التصنع لا تجعل الشخص بكامل شخصيته، بل تجعله شخصاً آخر من أجل أن يُوهِم و يُرِي الناس أو الذين حوله أنه شخص مثالي، أو ذو مكانة .
والتصنع قد يكون لأسباب نفسية كما يرى علماء النفس . فعندما يرى المتصنع أنه أكبر شأناً من الآخرين ، او قد يكون هذا الشخص يشعر بالنقص نراه يسعى للهروب من هذا الشعور عن طريق التصنع ، وهناك أسباب مرضية قد تكون مرتبطة بخلل عقلي، فيبدوا غير طبيعياً ، ومن أهم الآثار السلبية الناتجة من حياة التصنع ، أنه يفقد الإنسان المتصنع نفسه .
واذا اردنا أن نقارن بين التصنع و التطور .
نرى أن تطور الشخصية متفق مع المبادئ والتوجهات والعقائد، ومبني على أساسها، بينما الأمر في التصنع مختلف تمامًا حيث أنه لا يتوافق مع الشخص ولا يدل على ما لديه من مبادئ وقيم وتوجهات والهدف منه الظهور الاجتماعي فقط بينما تطور الشخصية الهدف منه تحقيق الرضا النفسي ومن ثم التطور الاجتماعي وتحقيق المركز وبعدها الظهور بشكل أفضل . وفي تطور الشخصية يكون للفرد وجود وكيان خاص به ناتج عن فهم ذاته ونفسه، أما في التصنع تظهر التبعية واضحة جدًا ولا يمكن التخلص منها، وهنا تظهر الفروقات في السلوكيات والتناقضات الكبيرة لدى الشخص في مختلف الجوانب، فتطور الشخصية يحقق توازن واتساق ما بين جميع الجوانب أما التصنع يفقد صاحبه التوازن النفسي و الاجتماعي ، ونجده شخصاً غير متصالح مع نفسه، فيفقدها بسهولة.
و أخيراً:
راجعوا أنفسكم وارجعوا لها. والبسوها لباس الرضا والقناعة ، خلقكم الله مختلفين ، فأنت لست هو ، و هو ليس أنت. أكرموا أنفسكم حتى تكرمكم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى