المجتمع الحاضر

بقلم : الكاتب /محمد علي طاهر العبدلي  

حسب ما أراه أنا من منظوري الشخصي ويراه غيري من منظوره الشخصي فإنني أكتب عن التعامل السلوكي بعفوية قديمًا وحديثًا
عند آبائنا وأجدادنا؛ قديمًا يتعاملون بالثقة المطلقة لأن الكذب عيب والوفاء كرم، أما الآن فالتعامل حسب التجربة والعقود الموثّقة لاغير
فالأخ لايثق بأخيه والصديق لايثق بصديقه، وكما يقول المثل الشعبي حرّص ولاتخوّن.

وعندما قلت سأكتب بعفوية لأني كفرد من هذا المجتمع لي مالهم وعلي ماعليهم وأدخل تحت طائلة هذا التعامل والسلوك وقد بلغت من العمر عتيا ويشاركني العفوية من هو قريب من سن السبعين ويعرف أن المجتمع قد تغيّر عليه، نحن الكبار لقد أصبحنا قريبين من محطة القطار وحان النزول بمحطتنا ليواصل القطار رحلته بآخرين إلى محطة جديدة.

نشعر نحن الكبار بتغير المجتمع في التعامل والسلوكيات، لا أقول السلوك الخاطئ ولا السلوك الصواب، وإنما السلوك الذي نجهله نحن الكبار
وبالرغم من أننا نعيش في مملكتنا الحبيبة السعودية كأسرة واحدة لا فرق بين مسؤول كبير ولا مسؤول صغير ولا فرق بين جاهل وعالم وغني وفقير، كلنا تحت طائلة القانون والنظام نتبادل في سلوكنا ما يقره الشرع والنظام في الحقوق والواجبات، إلا أننا بشر نختلف في هذا الرأي وذاك، ولنا مشارب في المطالب وغايات فهذا يقنع بالقليل وذاك يطمع بالكثير، إلا أننا مجتمع سعودي قبلي مدني متحضر نتشارك الشهادات والعلم بالدرجات الجامعية، إلا أنّ بنا نزعة الأنا وبنا نزعة الإيثار، ونتطور كما يتطوّر العمران فنتزاحم في أمور الحياة ويصيبنا التصدع والتعب.

ومن هنا نختلف في الرأي ونختلف في النظرة والنزعة فهذا سهل وذاك صعب فتحدث الاختلافات بالشارع والمتجر ومقرّات العمل لأن هذه الاختلافات هي ملح الحياة والمثل الشعبي يقول لا محبة إلا بعد عداوة، ولكن هذه العداوة يجب أن تكون منضبطة لاضرر ولاضرار، في الحديث فلا نجيز التعدي على حقوق الآخرين وأذيتهم وشتمهم وغمط مكانتهم يجب أن يحترم الصغير الكبير ويرفق الكبير بالصغير ولا تجب أن تبدأ في مجتمعنا الجفوة وقلّت الثقة، وغياب عين الرضى وحضور عين الريبة والحذر.

وتختلف الأسر فيما بينها والسبب في اعتقادي في هذا السلوك أن كل فرد ينشد السعادة لنفسه دون غيره، وقد تكفّل الله برزق الجميع فلا نحسد تاجرا ولا نزدري فقيرا، ولوسمعنا كلمة جارحة فنسكّر الأذن ونفتح نافذة العقل ونقدم الابتسامة، ونعمل بقول أحدهم:
خل جنبيك لرام.. وامض عنه بسلام
مت بداء الصمت خير.. لك من داء الكلام
رب لفظ جرٍ آجال .. فئام وفئام
..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى