الفرق بين القضاء والتحكيم

بقلم / المحامية : عائشة العريفي  

القاضي في الإسلام شخص ولي القضاء ليحكم بين المتنازعين وفقا للشريعة الإسلامية.
وللقاضي دور كبير في اتخاذ القرارات ولأجل اهميته تلك أحاط الخلفاء الراشدون ورؤساء الدولة الإسلامية القضاء بكل مظاهر الإجلال والتكريم، وصانوه عن التدخل ضمانا للحق وإرساء للعدل فلم يسعوا إلى تحويل الأحكام لصالحهم، أو لصالح من يحبون، وانما امتثلوا لأحكام القضاء بالاحترام والتنفيذ فكانوا يقبلون الأحكام الصادرة ضدهم راضين وينفذونها طائعين. فقد كان الرسول هو الذي يتولى الفصل في المنازعات، ومن بعده كان الخلفاء في صدر الإسلام يباشرون القضاء بأنفسهم، وعندما اتسعت الدولة الإسلامية، واختلط المسلمون بغيرهم، وكثرت مهام الخليفة؛ تم تعيين قضاة مستقلين ينوبون عن الخليفة في الفصل بين الخصومات، وكان ذلك في عهد عمر بن الخطاب؛ «فولي أبا الدرداء معه بالمدينة، وولي شريحاً بالبصرة، وولي أبا موسى الأشعري بالكوفة.
اما التحكيم فهو وسيلة فصل في نزاع قائم أو قد ينشأ بين طرفين الخصومة، وذلك بواسطة اتفاق أطرافه على اختيار المحكم الذي يتولى النظر في النزاع، وسلطاته، بالإضافة إلى القانون الواجب التطبيق. فقد كان التحكيم معروفاً عند العرب قال اليعقوبي: كان للعرب حكام ترجع إليها في أمورها وتتحاكم في مناظراتها ومواريثها ودمائها لأنه لم يكن دين يرجع إلى شرائعه فكانوا يحكمون أهل الشرف والصدق والأمانة والرئاسة والسن والمجد والتجربة وكان المحكوم عليه عند العرب يخضع وينفذ حكم التحكيم تحت سلطة التأثير الأدبي، أو العرف، أو سلطان الرأي العام، أو يخشى عاقبة الاقتتال. وهناك نماذج كثيرة من اللجوء إلى التحكيم عند العرب سواء في معرفة الأجود شعراً، أو في حالة المناظرة بينهما، أو في حالة نزاع، كما حصل في تحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم في وضع الحجر الأسود بين قبائل قريش. ولما جاء الإسلام كان يقر ما يراه حسنا من أمور العرب، سواء ما كان له صلة بمحاسن الأخلاق أو المعاملات أو غيرها، قال الرسول صلى الله عليه وسلم [إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق] الفرق بين التحكيم والقضاء:
القضاء: القضاء الرسمي حق لجميع أفراد المجتمع، بل ويجبر من لا يستجيب لدعوة القاضي على المثول أمام المحكمة وينفذ الحكم جبراً عن طريق السلطات العامة، فالسلطة القضائية أحد مظاهر سيادة الدولة وللقضاء الرسمي ولاية عامة فهو مختص بنظر جميع القضايا التي تعرض عليه والفصل فيها حسب الشريعة الاسلامية والأنظمة المعمول بها في الدولة.
اما التحكيم فلا يكون حقاً مقرراً لجميع الناس ولا يشمل كل المواضيع، فهناك قضايا أو مسائل لا يجوز اللجوء الى التحكيم لحل النزاعات الناشئة عنها· وولاية التحكيم لا تقوم إلا برضا أطراف النزاع عن طريق اتفاق التحكيم الذي يتضمن اتفاق أطراف الخصومة على اللجوء الى التحكيم. لا يكون التحكيم الا بشرط منصوص عليه بعقد او مشارطة وذلك بعد نشوء النزاع.
يعتبر الحكم التحكيمي ملزمًا قانونًا لكلا الطرفين وقابلا للتنفيذ في المحاكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى