الشريك الأدبي والمقاهي الأدبيَّة
ما أشدَّ بهجتي بمبادرة الشريك الأدبيِّ، وهذا الحراك غير المسبوق، ما جعل للكاتب والمبدع دورًا ومشاركةً عن طريق هيئة الأدب والنشر والترجمة في تصميم وتنفيذ مبادرة الشريك الأدبيِّ، التي تعدُّ من أنجح المبادرات، والتي تحسب كفكرةٍ لم تُنَفَّذ بعد، وبمشاركتها للمقاهي التي عُدَّت حاضنةً لها بما يتوافق مع رؤية ٢٠٣٠، إذ كان المبدع / الكاتب بين مطرقة النوادي الأدبيَّة وسندان جمعيَّات الثقافة والفنون التي سادت فيها المحسوبيَّات، ما جعلهم – الكتاب والادباء – ينصرفوا عنها، وما قامت بهِ جعل الجميع يشارك في وطنه ويمثِّلُنها في الخارج، هذهِ المبادرة كنَّا نعدُّها مفخرةً لنا كسعوديِّين، لو أنَّها قُنِّنَت ووُضِعَت لها ضوابط وروابط بعيدًا عن الفوضى العارمة التي أحدثتها، وأرى أنَّها تبحث عن الكمِّ لا عن الكيف، وهذا ما جعل كثيرًا من الأدباء والكتَّاب يعزفون عن الحضور في هذهِ الفعاليَّات على أهميَّتها.
وقد أرسلت اقتراحاتٍ، ولكن لا أذن صاغيةً، وأكبر الأخطاء التي وقعت بها ربط التنسيق واختيار الضيوف للمحاضرات لأصحاب المقاهي، الذين -البعض منهم- ليس لهم بالشأن الأدبيِّ لا من قريبٍ ولا بعيدٍ، ويكون الاختيار لمحاضرٍ ليس لديه خبرةٌ ولا ممارسةٌ ولا علمٌ، فلو أنَّ التنسيق من لجنةٍ مختصَّةٍ في هذا المجال في جميع العلوم الإنسانيَّة لأثمرت، أصبح التزاحم والدعوات توجَّه وفق علاقة الكتَّاب بصاحب المقهى (التاجر)، الذي لا علاقة له بالحراك الأدبيِّ، وكان يجب على المحاضر أن يستخرج رخصةً من وزارة الأعلام تشبه تصريح المدرِّب المعتمد في المؤسَّسة العامة للتدريب، حتَّى تكون المخرجات على قدرٍ عالٍ من المعلومات.
وقد لاحظت وجود أجانب -وأعني المقيمين بعقود عملٍ-، ومشاركتهم لغرض المكافئة، والبعض منهم لا درجةً أكاديميَّةً له، ولا يملك شهادةً أو تخصُّصٍ، ولا رخصة تدريبٍ، في ما يحاضر به، وكنت أتمنَّى أن تكون حكرًا على السعوديِّين، ويقتصر على الأكاديميِّين أو الأجانب ذوي الخبرة من الخارج، وممَّن لديهم خبرةٌ كبيرةٌ، وتقنينها بوضع ثوابت وشروطٍ لها تجبر المقاهي على تفعيلها، ولدينا من هم كفؤ في المجالات كافَّةً من أبناء وبنات الوطن ، فهناك من قدَّم محاضرةً عن كيف تُكتَب الرواية والقصَّة، ولا نتاج له أو تجربةً، والمحاضرة أمانةٌ يجب أن توكل لمن يمتلك قدرًا من الموهبة.
كذلك تضارب مواعيد الندوات والمحاضرات في المدينة الواحدة، فأغلبها يتعارض، ويكون في وقتٍ واحدٍ، ما يضيِّع على المتهمين حضورها، أو يسبِّب صعوبةً في اختيار أيًّا منها للحضور، إذ يجب أن توضع رزنامةٌ لكلِّ مدينةٍ، وتُلزَم المقاهي تسجيل كامل المحاضرات والندوات والأمسيات، وتأسيس أرشيفٍ كبيرٍ للهيئة، ووضع قناة يوتيوب لها، تُرفَعُ من إدارة المقهى إلى الشريك الأدبيِّ، للاطلاع على المادة بعد مراجعتها، وإجازتها وبثِّها إن رأت اللجنة أنَّها تستحقُّ ذلك.
ومشاركة جميع المقاهي والشريك الأدبيِّ في تنظيم الفعاليَّات الرسميَّة، مثل اليوم الوطنيِّ ويوم التأسيس، وأيَّام الاعياد -الفطر والأضحى- ويوم بيعة الملك وولي عهده في أمسياتٍ شعريَّةٍ -فصيحٌ شعبيٌّ ونثر-، الهدف منها إشعار الشعراء والحضور بأهميَّتهم. وكذلك تنظيم الأيَّام الخاصَّة، مثل يوم الشعر العالميِّ ٢١ مارس، يوم القصَّة العالميِّ ١٤ فبراير، يوم الرواية ١٣ أكتوبر، يوم الفلسفة ٢١ نوفمبر، يوم المسرح ٢٧ مارس …. الخ
ويجب وضع استباناتٍ عن الفعاليَّة من الحضور، المحاضر والحاضن الأدبيُّ والمادة التي تمَّت محاضرتها، والتخطيط والإعداد لدوراتٍ تدريبيَّةٍ لجميع الفنون، كيومٍ للفنِّ التشكيليِّ والرقميِّ، ويتخلَّلها محاضراتٌ تُعرَضُ فيها لوحات الفنِّ التشكيليِّ في المقهى، ويوم توقيعٍ المؤلِّفين لكتبهم.