ثقافة التطوع: قيمة تعكس سعادة الإنسان ورُقي المجتمع
![الدكتور أحمد الشمراني](https://dora.sa/wp-content/uploads/2024/11/1000366003.jpg)
التطوع هو انعكاسٌ حقيقيٌ لمعاني العطاء والإنسانية، إذ يجسد رغبة الإنسان في مشاركة ما يمتلك من مواهب، قدرات، معلومات، ومهارات مع مجتمعه. هذه المبادرة ليست مجرد جهد إضافي يقدمه الفرد، بل هي قيمة جوهرية تعكس رقي الإنسان وتُبرز قوة الترابط داخل المجتمع.
عندما نتأمل ثقافة التطوع، نجد أنها لا تُقاس بما يُبذل من وقت أو جهد فحسب، بل بما تزرعه في النفوس من شعور بالسعادة والانتماء. التطوع ليس مجرد عمل فردي، بل هو حراكٌ جماعي، يحمل رسالة أعمق تتمثل في إحياء الشعور بالمسؤولية المشتركة تجاه المجتمع، وتعزيز الروابط الإنسانية التي تجمع أفراده.
التطوع يُشعل شرارة السعادة في القلوب، لأنه يُشعر المتطوع بقيمة دوره في صنع الفرق. هذا الشعور بالسعادة ليس مقتصراً على الشخص الذي يقدم وقته وجهده، بل يمتد ليشمل من حوله، حيث تترسخ ثقافة العطاء في النفوس، ويشعر الجميع أن لهم دوراً في النهوض بالمجتمع.
الدراسات الحديثة تؤكد أن الأشخاص الذين يمارسون العمل التطوعي بانتظام يتمتعون بحالة نفسية إيجابية وشعور عميق بالرضا عن الذات. فالعطاء بلا مقابل يجعل الإنسان يعيش حالة من النقاء الداخلي والتوازن النفسي، لأنه يلمس أثر جهوده في تحسين حياة الآخرين.
إن المجتمعات التي تسود فيها ثقافة التطوع هي مجتمعات راقية بكل المقاييس. فهي تعكس روحاً جماعية تُقدّر التعاون والتضامن، وتجعل الفرد يشعر بأنه جزء من نسيج متكامل. انتشار هذه الثقافة يعني أن المجتمع قادر على مواجهة التحديات بشكلٍ أفضل، لأن أفراده يتكاتفون لتحقيق أهدافٍ مشتركة.
التطوع يُثري المجتمع بعدة طرق؛ فهو يسد فجوات الاحتياج في مجالات مختلفة، مثل التعليم، الصحة، دعم الفئات الضعيفة، وحماية البيئة. كما يُسهم في بناء مجتمع واعٍ ومثقف، يعتمد على قيم العطاء والبذل كركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة.
ختاماً
في اليوم العالمي للتطوع، دعونا نحتفي بهذه القيمة النبيلة التي لا تقتصر فوائدها على الآخرين، بل تعود بالنفع على المتطوع نفسه وعلى المجتمع ككل. لننظر إلى التطوع على أنه واجب إنساني يعكس رُقي الإنسان ويؤكد أن العطاء هو السبيل الأسمى لنشر السعادة وتحقيق الازدهار.