اصطياد الأخطاء

هذه العبارة أعجبتني وأنا أستمع لبرنامج بودكاست وهو البرنامج المفضل لدي وعنوانه ساندوتش ورقي . فمن السهل أن نجد ثغرات في الآخرين، ومن ثم تخطيئهم عليها ووضعهم في مساحة الارتباك، لكن لاأعتقد أننا يمكن أن نفعل ذلك بسهولة مع أنفسنا . هل هي طبيعة النفس البشرية التي لاتعترف بضعفها وترفض اكتشاف نقائصها؟ هل هو الشعور بوهم الكمال ؟ ربما .
المسافة التي نقطعها محققين شيء من الفهم لما نفعل تبدو في بعض الأحيان متحركة في الفراغ أي ليست حقيقية ، وقد يكون ذلك بسبب أننا نخشى أن نعترف بأن مايحدث معنا.. يحدث بسبب وساوس العقل وليس لأي سبب خارجي .
اصطياد أخطائك يعتبر نوع من الصدق مع الذات لكنه لايحدث دون تعمد . هناك نية مسبقة لابد أن نوجهها نحو متابعة أفكارنا المغلوطة والقابعة في مكان ما في أدمغتنا ، تلك التي نعرفها جيداً لكن لانجرؤ على الاقتراب منها. وحينما نتحدث عن اصطياد أخطاؤنا فنحن نقوم بالفعل الذي من شأنه بعث سلوكيات جديدة فينا والتعافي من أخطاء حالية. ولعلك تتسائل ماذا نعني بالأخطاء هنا، فالكلمة ليست عامة، بل نعني بها كل سلوك نقوم به ويؤذينا. على سبيل المثال الخوف من إعلان مشاعرنا تجاه الآخرين أو خشية فقدان الحب والاهتمام ، أو إعطاء التسامح مكانة أكبر من اللازم مع البعض لدرجة ن نفقد هويتنا ، أو استغراق البعض في أنانيتهم وتفكيرهم في أنفسهم أو العجز عن الرفض والذي يدخلنا في دوامة الضغوط النفسية وغيرها من الأخطاء التي نرتكبها بحجة أنها تساعدنا على بناء العلاقات . والخطأ هو كل أمر لايقبله العقل والفطرة ويقبله كبرياؤنا .
الوعي هو إدراك معنى الأمور وتأثيرها على حياتنا ، وهو الطريقة الواقعية للتعامل مع مايجعل حياتنا معقدة دون أن نشعر، وعندما تكون على استعداد لتقبل فكرة النقص على أنها طبيعة بشرية وليست عار عليك أن تتجنبه يصبح من السهل تكسير الصور المثالية التي تضطرنا لفعل أمور لاتزيد من طاقة السعادة داخلنا.
هذا المنحى في فكرة القبول الذاتي على ما نحن عليه لايشكل أي خطر على صورنا الذاتية بل على العكس هو يظهر إنسانية حقيقية . أما التوقف عند الخوف من دخول تلك الزاوية المعتمة فلاطائل منه سوى الاستمرار في الخطأ . اليوم نعيش معارك كثيرة داخلية لايعلم عنها أحد ، وتعيش داخل تلك المعارك أفكار وأحكام وسلوكيات يحتاج البعض منا إلى وقت طويل للخلص من آثارها. لذلك فوقفة جادة لفهم الأخطاء تعني وقفة صادقة وشفافة من شأنها أن تجعل ماصعب تغييره بالأمس أمرا مقبولاً اليوم . المهم أن تكون الأسئلة التي تسألها لنفسك عميقة وجريئة ، وأن يكون لديك الشجاعة لأن تتبنى طرقاً لتصحيحها .