يوم التأسيس: تاريخٌ ونهضة تتجدد في ظل رؤية المملكة

يوم التأسيس هو يومٌ نستعيد فيه لحظةً تاريخيةً فاصلة، عندما تكاملت الفكرة مع القوة، فتأسست الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود، صاحب الإرادة السياسية والقوة والإمارة، والإمام محمد بن عبدالوهاب، صاحب الدعوة إلى تصحيح الفكر والعقيدة. كان هذا التلاحم بين العقيدة والإمارة هو الأساس الذي قامت عليه المملكة، حيث جاءت دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب لتحرير العقيدة من الشوائب، وتصحيح الفكر من الأوهام والخرافات، وتوجيه القلوب والعقول نحو التوحيد الصافي، بينما وفر الإمام محمد بن سعود الإرادة السياسية والقيادة الحكيمة التي حمت هذه الدعوة ونشرتها، فانبثق منهما كيانٌ سياسيٌ راسخٌ على أسس التوحيد والعدل والاستقرار.
لم يكن تأسيس الدولة مجرد بناء سياسي، بل كان مشروعًا حضاريًا هدفه تصفية العقيدة من التعلقات بغير الله، وتصفية الفكر من الجهل والخرافات، لتتجه العقول إلى النور، والقلوب إلى الإيمان، والأمة إلى العمل والبناء. ومن هذا المنطلق، لم تكن الدولة السعودية مجرد دولة حكم، بل كانت دولة إصلاح وتجديد، أعادت الناس إلى العقيدة الصافية، ودفعتهم إلى الانطلاق في الأرض بعلمٍ ونهضةٍ وعملٍ يعمرها.
ورغم التحديات التي واجهتها الدولة السعودية في مراحلها الأولى، إلا أن الفكرة لم تمت، بل استمرت حتى قيام الدولة السعودية الثانية، ثم الثالثة التي توجت بالاستقرار والوحدة في ظل الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، لتُصبح المملكة نموذجًا فريدًا يجمع بين الأصالة والتطور، وبين العقيدة الراسخة والإمارة القوية.
واليوم، تُتوج هذه المسيرة العظيمة برؤية المملكة 2030، التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لتكون امتدادًا لذلك التأسيس المبارك، حيث وُضعت القيم والمبادئ الإسلامية في صميم التنمية والتطوير، تأكيدًا على أن العقيدة الصافية لا تعيق التقدم، بل توجهه نحو الطريق الصحيح. كما جاءت رؤية 2030 لتحرر الفكر من الركود والتقليد، وتدفع بالإنسان السعودي إلى الريادة والابتكار، تمامًا كما حررت دعوة التوحيد الفكر والعقيدة قبل ثلاثة قرون.
إن يوم التأسيس ليس مجرد ذكرى، بل هو تأكيد على أن المملكة قامت على فكرٍ نقي وإرادةٍ صلبة، وأن نهضتها المعاصرة ليست إلا امتدادًا لتلك الجذور العميقة. وكما أن التأسيس الأول كان تصحيحًا للعقيدة وبناءً لدولةٍ قوية، فإن التأسيس الحديث عبر رؤية 2030 هو استمرارٌ لهذا النهج، ليظل هذا الوطن منارةً للعالم في الجمع بين الإيمان والقوة، وبين الأصالة والحداثة، في مسيرةٍ لا تزال مشرقةً متلألئة.
أسبغ الحرمين بركته على الأرض التي تضمهما..
اسأل الله أن يجعل السعودية بلد عز وقوة ونصر للاسلام والمسلمين.