العلاقة بين العزلة والكتابة

“الشعورُ بالعزلةِ هو الذي يولد الاسئلة التي تدفع إلى الكتابة” .
العلاقة بين العزلة والكتابة علاقةٌ وثيقةٌ ومُعقَّدة، تجمع بين الخصوبة الإبداعية والتحديات النفسية.
تتيح العزلة للكاتب الابتعاد عن الضوضاء اليومية، مما يُعزِّز التركيز ويسمح بالغوص في الأفكار بلا مقاطعات ، وما يحتاجه العقل لربط الأفكار غير المتوقعة، مثلما يحدث في لحظات التأمّل أو الأحلام اليقظة، حيث تولد الأفكار الابداعية.
ومن خلال الحوار الداخلي تتحوّل العزلة إلى مساحة للحوار مع الذات ، حيث تُكتشف الأفكار الخفية والمشاعر العميقة التي تُغذّي النصوص.
وتتيح الانفصال عن المجتمع قد يُحرّر الكاتب من ضغوط التوقعات أو الرقابة الاجتماعية، فيكتب بصدقٍ وجرأة.يقول بورخيس: “أفضل أن أكون وحيدًا لأكتب، لكني أكتب لكي لا أكون وحيدًا.”
فالكتابة والعزلة بينهم علاقةٌ مُتشعبةٌ تتراوح بين التلازم الحميم والتناقض المُربك. فالعزلة قد تكون وقودًا للكتابة أو سجنًا يقيّده، حسب كيفيّة توظيفها وطبيعة الشخصيّة الإبداعيّة، وتسمح العزلة للعقل بالتركيز على بناء عوالمه الداخلية، وصفاء ذهن الكاتب بعيداً عن كل المنغصات التي تشتت الكاتب وتكون عائقاً عن تجميع افكاره ،والتي تمنح الحرية لاختبار أفكارٍ غير تقليدية دون خوف من الحكم المسبق أو السخرية، مما يُطلق العنان للجنون الإبداعي الضروري للكتابة ، فهي تُنقّي التأمُّل العقل من الضوضاء الداخليّة (القلق، التشويش)، فيصبح الكاتب أكثر قدرةً على استقبال الأفكار الأصيلة دون حواجز ، لإنتاج نصٍّ نهائي، بل لاستكشاف الأسئلة الوجودية،
الكتابة والعزلة وجهان لعملةِ الوعي. الأولى تُجسِّد الصمتَ في كلمات، والثاني يُذوِّب الكلماتَ في صمت. كما قال الشاعر محمود درويش:
“أكتبُ لأتأمَّل… وأتأمَّلُ لأعرفَ ماذا سأكتب غدًا.”