الرواية المرئية

تحويل الرواية إلى فيلم سينمائي أو مسلسل ليس من السهولة بمكان خصوصا مثل رواية مئة عام من العزلة لعدة اسباب أهمها الحوارية في الرواية قليلة جدا وهذا يستدعي كاتب حوار يحول السرد الذي معتمده عليه الرواية إلى حوار لا يخرج عن نص وفكرة الرواية السبب الآخر ،عند تحويل العمل الأدبي إلى عمل فني هل تظلم الرواية أم انها تكون اضافة ومكملة للعمل الأدبي ؟ وهل الرواية الجيدة ستكون عمل مرئي جيد هذا متروك للمشاهد والقارىء
والسؤال المطروح: هل يمكن لأي عمل بصري يتماشا مع تعقيد وأصالة الرواية الأدبية؟
الاجابة من وجة نظري كل عمل جيد في الرواية والقصة متى ما وجد كاتب حوار وسناريوا ومخرج جيد نجح العمل ، العمل الروائي سواءأ السردي او الحوراي يختلف عن الحوار في العمل المرئي سواء في السينما او المسلسل لسبب أن لكل عالم من هذهِ الفنون يختلف عن الآخر من خلال عناصرة الخاصة التي يرتكز عليها الفن أو الأدب لأن هناك لغة أدبية ولغة سينمائي وهي التي يعتمد عليها كاتب الحوار ومن ثم كاتب السيناريوا الذي يحول الكلمة والعبارات إلى صورة ومن ثمّ تكوّن مشاهد ‘ وتدعمه في ذلك أن الأعمال ألادبية تنطلق في الأساس من نقطة قوية، وتتفق في الرواية والسينما في القصة او الحكاية والشخصيات والتي لن يتعثر المخرج في أزمة حبكة أو قصة أو رسم شخصية، المخرج الجيد هو العمود الفقري للعمل المرئي ونحاحه يعتمد عليه العمل في صناعة المسلسل او الفيلم بشكل أساسي وقد يكون كاتب السينايوا والحوار هو المخرج ذاته أو يستعين بكتاب سينايوا وكتاب حوار يشاركونه العمل ، وتعمد رؤية المخرج في العمل الأدبي هل يستطيع من خلاله أن يصنع عمل مرئي ناجح ، يتطلب فهمًا عميقًا لِـ جوهر النص الأصلي وقدرةً على إعادة صياغته بلغة بصرية وسردية تتناسب مع الوسيط الجديد ، مع الأخذ بالأعتبار الحفاظ على الأمانة للعمل الأصلي وهو احترام رؤية الكاتب وإضافة لمسات إبداعية تناسب الوسيط الجديد.
واكثر ما يضغط على المخرج هو التحدي الذي يكمن في تحويل العمل الأدبي العالي إلى عمل مرئي عالية ، لانه سيكون امامه مقارنة بين العملين أيهما افضل ، ولا بد للمخرج ان يجعل له بصمة في العمل لا تقل عن بصمة الكاتب .
ولو أخذنا على سبيل المثال “رواية مئة عام من العزلة” للكاتب الكولمبي غابرييل غارسيا ماركيز او رواية شارع الأعشى للكاتبة بدرية البشر مؤخرا .
الذي تم تحويلهما إلى مسلسل كان أختيار ناجح عن ان يكون فيلم لأن العمل الكبير لا تستطيع أن تختزله في ساعتين ولكن في المسلسل المدة الزمنية يستوعب الرواية الطويلة لعدد من الحلقات المخرج هو من يستطيع تجسيد العناصر السحرية للرواية، مثل ظهور الأشباح أو الأمطار المتواصلة التي استمرت خمسة سنوات متواصلة . سقوط الأوراق الصفراء،واستخدام المؤثرات البصرية التي لا تخرج عن سردية الرواية عندما يتم استخدامها بشكل أحترافي لتصوير هذه اللحظات الدقيقة والبعد دون أن تبدو زائدة أو مبتذلة.
التحويل الناجح بين العمل الأدبي والعمل المرئي لا يعني النسخ الحرفي ” نسخ ولصق ” بل إعادة ابتكار العمل بطريقة تحافظ على روح العمل مع جعله ينبض بالحياة في عالم جديد، فيه أبداع وتجديد بحرفية عالية.