عين في العاصفة

بقلم / فيصل العنزي  

لن ينسى الشعب الكويتي بكل أطيافه وشرائحه مواقف غازي القصيبي الصلبة القوية ابان الغزو العراقي .. فقد كان له زاوية في جريدة الشرق الأوسط عنوانها «في عين العاصفة» كانت و بدون مبالغة جبهة من جبهات صد العدوان لا تقل شأنا وأهمية عن جبهات القتال، قاتل وناضل من خلال ما حباه الله من فكر وأدب وشعر، دحض بواسطتها كل خزعبلات, وافتراءات النظام العراقي .. وتفوّق على كل المفكرين العرب المؤيدين لنظام صدام .. بشّر غازي بعودة الكويت في قصائده.. كان، رحمه الله، نجماً في الدفاع عن الحق الكويتي في شعره ومقالاته وخطاباته، كان لوحده وزارة أعلام.
ولد غازي القصيبي في المنطقة الشرقية، الأحساء، درس في البحرين، أكمل الجامعة في القاهرة وحصل على الماجستير في الولايات المتحدة ونال شهادة الدكتوراه في المملكة المتحدة .
كان غازي نجماً مذهلاً ومبدعاً في كل مجال دخل به، الوزارة، السفارة، الإدارة، الشعر، الرواية .. كان مزيجاً من شخصيات عدة في شخص واحد.
أعفي من وزارة الصحة في ربيع 1984 اثر قصيدته التي نشرت في جريدة الجزيرة السعودية، والتي كان عنوانها «الرسالة الأخيرة من المتنبي إلى سيف الدولة» والتي ترمز من غازي القصيبي للملك فهد، رحمه الله.
أعفي من سفارة المملكة في بريطانيا بسبب قصيدة «الشهداء» ومناسبتها أن فتاة فلسطينية اسمها آيات الأخرس قامت بعملية استشهادية في الأراضي المحتلة .. احتج اللوبي الصهيوني في بريطانيا أن السفير غازي القصيبي يُشجع على الإرهاب، فاحتجت وزارة الخارجية البريطانية على ذلك.
غازي الذي قال يوماً للملك فهد أن هناك مهندس سعودي رفض رشوةً بمبلغ مليون ريال «وكان يومها مبلغاً خيالياً» وهذا المهندس لايملك حتى بيت ..فأعطى الملك لغازي شيكاً بمبلغ مليون ريال وقال اعطه هذا المهندس الشريف اذا رفض الحرام نعطيه بالحلال !
غازي الإنسان الذي وصلته رسالة من مطلقة تشكو ظلم زوجها بعدم الصرف عليها ولا رؤية اطفالها وبعد أن أرسل لها مبلغاً.. كلف مكتبه أن يأتوا برقم هاتف الزوج .. وهاتفه وذهب لمنزله وكان خارج الرياض ولايعلم الزوج ماذا يريد منه غازي، وعندما جاءه إلى منزله قال عندي طلب، فرد الآخر: أنت تأمر ولاتطلب !فقال غازي: تصرف على مطلقتك و تدعها ترى ابناءها.
وغيرها الكثير والكثير من المواقف التي لا يتسع المجال لسردها.
في النهاية الكتابة عن غازي القصيبي صعبة جداً لا تعلم عن ماذا تكتب عن غازي الإنسان أم غازي الوزير أم السفير أم الأديب الشاعر أم العربي المقاوم.
أما قصائده فمن لم يقرأ لغازي فلم يقرأ شعراً.
وهل هناك أجمل من قصيدة حديقة الغروب وهي رثاء غازي لنفسه .. عندما بلغ من العمر 65 عاماً؟!
و تذكّر فيها الاصدقاء والاعداء و زوجته والمعجبات والمعجبين وبلاده وتذلله لخالقه، رحم الله غازي القصيبي الذي أحبه الكويتيون :
يـا عـالم الـغيبِ! ذنبي أنتَ تعرفُه
وأنـت تـعلمُ إعـلاني.. وإسـراري
وأنــتَ أدرى بـإيمانٍ مـننتَ بـه
عـلي.. مـا خـدشته كـل أوزاري
أحـببتُ لقياكَ.. حسن الظن يشفع لي
أيـرتُـجَى الـعفو إلاّ عـند غـفَّارِ؟
رحم الله غازي القصيبي، وأسكنه فسيح جناته

تعليق واحد

  1. مقال رائع وممتليء بالامتنان. فالسياسي الوزير والأديب الشاعر /غازي القصيبي شخص عظيم ، ذو فكر نير ؛ يستحق أن تدرس مؤلفاته ضمن مناهجنا فكتابه (حياةُ في الإدارةِ ) يروي فيه تجربته وطريقة إدارته المناصب التي تولاها، ويحكي بعض المواقف والطرائف والعقبات التي واجهته، ويستخلص منها بعض التوجيهات للإداريين عامة والشباب خاصة.
    فكل التقدير والامتنان لك أخي /فيصل لتسخيرك قلم الشكر والذكر للحديث عن هذه الشخصية العظيمة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى