تقرير درة | قراءة في الحرب الروسية على أوكرانيا.. هل يسعى بوتين لإقامة الدولة الكبرى؟

تكبير الخط ؟
بالثوبين.. الأبيض والأسود، يظهر الجانب الروسي في هذه الأيام في مواقفه تجاه نظيره الأوكراني، فبيد يصافح وبالأخرى يقذف الرعب والقلق في قلوب الملايين.
فعلى الرغم من اعتراف روسيا مؤخرًا بارتفاع خسائر حملتها العسكرية في أوكرانيا، وإبداء رغبتها في استمرار المفاوضات، إلا أن القوات الروسية ما زالت تواصل تقدمها في جبهات القتال، مكثفة الهجوم من جميع الاتجاهات والنواحي.
روسيا تواصل الضغط العسكري على أوكرانيا لإدارة المفاوضات:
تكثيف الهجوم:
أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في الساعات الأخيرة، عن إسقاط مروحيتين ومسيرات وتدمير منظومات صاروخية مضادة للطائرات بينها منظومة S-300، كما دُمرت مستودع عسكري بمنطقة ريفني بشمال غرب أوكرانيا.
وأضافت الوزارة، أن القوات الروسية أسقطت خلال اليوم الماضي طائرتي هليكوبتر من طراز (Mi-24) و (Mi-8)، بالإضافة إلى 12 مسيرة، بينها 3 مسيرات طراز بيرقدار، كما تم تدمير11 نظاما صاروخيا مضادا للطائرات، بما في ذلك منظومة صواريخ (s 300).
ولفتت إلى أنه منذ بدء العملية تم تدمير 181 طائرة ومروحية أوكرانية، و172 مسيرة، و170 نظامًا صاروخيا مضادا للطائرات، و1379 دبابة ومركبات عسكرية مصفحة، و133 نظام إطلاق صاروخي متعدد المهام، و514 مدفعا، بالإضافة إلى 1168 وحدة من المركبات العسكرية الخاصة.
إبداء الرغبة في المفاوضات:
قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن الوضع المحايد لأوكرانيا “يُناقش بجدية” وأن الصيغ المحددة “قريبة من الاتفاق”.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن الدول التي تزود أوكرانيا بالسلاح، بما في ذلك سلوفاكيا، تخلق مشاكل مباشرة لنفسها.
وأضافت زاخاروفا تعليقا على تقارير إعلامية أن براتيسلافا قررت تزويد كييف بمجمعات صواريخ مضادة للطائرات من إنتاج سوفيتي: “إذا تم اتخاذ مثل هذا القرار – ليس بالنسبة فقط لسلوفاكيا، ولكن أيضا بالنسبة لدول أخرى، فإنهم يخلقون مشاكل لأنفسهم.. إنهم يخلقون مشاكل مباشرة بأيديهم.. الأمر نفسه ينطبق على تجنيد المرتزقة”.
كما لفتت زاخاروفا بخصوص العلاقات مع واشنطن، إلى أنه لا توجد الآن عملية مفاوضات نشطة بين روسيا والولايات المتحدة، والاتصالات محدودة: “روسيا حتى اللحظة الأخيرة، كانت تنتظر الولايات المتحدة في أوروبا لإجراء مفاوضات، لكن الجانب الأمريكي لم يصل.. لا مفاوضات نشطة حاليا”.
ومساء أمس، قال الرئيس الروسي فلادمير بوتين، مخاطبًا وزراء الحكومة بعد ما يقرب من شهر من الحرب في أوكرانيا، إن ما تسميه موسكو “عمليتها العسكرية الخاصة” مخطط له وأن بلاده مستعدة لمناقشة الوضع المحايد لأوكرانيا.
وانتقد بوتين مرة أخرى القوى الغربية، قائلاً إنهم يريدون تحويل روسيا إلى “دولة ضعيفة تابعة؛ وتنتهك وحدة أراضيها؛ وتفكيك روسيا بالطريقة التي تناسبها”.
كما قدم بوتن اعترافًا نادرًا بالتأثير الشديد للعقوبات- قائلاً: إن التضخم والبطالة سيرتفعان، وستكون هناك حاجة إلى تغييرات هيكلية في الاقتصاد، لكنه شدد على أن البلاد يمكن أن تتغلب على العاصفة.
وقال بوتين: “الغرب لا يكلف نفسه عناء إخفاء أن هدفه هو الإضرار بالاقتصاد الروسي بأكمله، كل روسي”.
وحول مسألة الوضع المحايد المقترح لأوكرانيا، قال بوتين، إن روسيا مستعدة لمناقشة ذلك في المحادثات: “مسألة المبادئ لبلدنا ومستقبلها، الوضع المحايد لأوكرانيا، ونزع السلاح كنا مستعدين ونحن مستعدون للمناقشة كجزء من المفاوضات”.
وجاءت تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد اعلان موسكو عقوبات على الولايات المتحدة استهدفت الرئيس الأمريكي جو بايدن وعدد من وزرائه ومستشارية جاء في مقدمتهم وزير الخارجية انتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد اوستن ومستشاره للامن القومي جيك سوليفان والسكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض جين بساكي.
وتضمنت العقوبات الروسية أيضًا، منع دخول الافراد الخاضعين للعقوبات روسيا، وفرض حظر على ممتلكاتهم في الأراضي الروسية.
واكد المتحدث الصحفي باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أن فرض عقوبات روسية على الرئيس الأمريكي جو بايدن لا يعني رفض الاتصالات معه على أعلى مستوى، وقال بيسكوف للصحفيين مساء الأربعاء إنه “إذا لزم الأمر يمكن استئناف هذه الاتصالات وفرض هذه العقوبات لا يعني رفض الاتصالات”.
وأضاف أن: “الولايات المتحدة تمارس هذه الأيام ضغوطا غير مسبوقة على العديد من دول العالم، والغالبية العظمى من الدول تنحني أمام هذا الضغط، ولكن هناك أيضا دول لا تنحني وتتخذ موقفا سياديا أكثر توازنا، وتقول ذلك علنا”.
نظرة العالم تجاه التطورات الأخيرة:
بوتيرة متسارعة، كسرت العملية العسكرية الروسية في الأراضي الأوكرانية يومها الـ22، وسط تصعيد عالمي متبادل بين واشنطن وموسكو تخللته حروب كلامية والكثير من العقوبات والإجراءات الاقتصادية المتبادلة التي طالت الأسواق العالمية بأكملها في موجة غلاء وتضخم مرشحة للتصاعد.
وبتزايد هذا الأمر، دفع مسئولي روسيا والولايات المتحدة للإقرار نسبياً بجثامة التداعيات، دون تخل عن نبرة التحدي والتحذير، وهو ما ظهر في خطاب الرئيس الروسي فلادمير بوتين وحديثه عن مؤامرات الغرب.
ومؤخرًا، أشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى أن مطالب روسيا في محادثات السلام أصبحت “أكثر واقعية” – لكنه شدد على أنه لن يستسلم لإنذارات الكرملين.
وعلى أعقاب هذه التصريحات، صرحت وزيرة خارجية بريطانيا ليز تروس، قائلة: إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “يلعب لعبة الدخان والمرايا” من خلال محاولته الادعاء بأنه يسعى إلى السلام أثناء شن الحرب على أوكرانيا.
كما أصرت وزيرة الخارجية على أنه يجب أولاً وقف إطلاق النار وانسحاب قوات الكرملين حتى تنجح المفاوضات بين كييف وموسكو.
وبدت تروس حذرة بشأن التقدم المحرز في محادثات السلام، وقالت: “من الصعب للغاية على الأوكرانيين أن يتفاوضوا مع وجود مسدس مصوب نحو رؤوسهم”، مشيرة إلى دخول الحرب في أوكرانيا يومها الثاني والعشرين.
وقالت وزيرة الخارجية البريطانية معلقة على تصريحات الرئيس زيلينسكي بشأن حلف الناتو: “الأمر متروك لأوكرانيا سواء قررت الانضمام إلى الناتو، وبالطبع هذه المسألة تخص أعضاء حلف الناتو”.
وأضافت: “لطالما اعتقدت أن هذه ليست المشكلة الحقيقية، إنها ستار دخان؛ إذا نظرت إلى كل تصريحات بوتين العلنية، وخطابه في مؤتمر الأمن في ميونيخ عام 2007، ومقاله العام الماضي، فهذا يدور حول إعادة إنشاء روسيا الكبرى”.