تقرير درة | ثوران هونغغا وارتفاع حرارة الأرض.. وعلاقته بالإنقراضات الجماعية

تكبير الخط ؟
يواصل العلماء البحث عن آثار ثوران بركان هونغغا تونغا – هونغ هابا، منذ قرابة تسعة أشهر، وهو أقوى ثوران يشهده كوكب الأرض منذ عقود، وفقًا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA).
وبدأ ثوران بركان تونغا في 13 يناير الماضي، وبلغ ذروته بعد يومين، حيث تعد هذه الجزيرة بركانية، وهى تقع في دولة تونغا بالمحيط الهادئ.
وتسبب الثوران في حدوث موجات مد عاتية (تسونامي) في كل من تونغا وفيجي وساموا الأمريكية، وأُبلغ عن موجات مدمرة من تسونامي في نيوزيلندا والولايات المتحدة وتشيلي وبيرو.
وكان قد قدر الباحثون أن ثوران بركان هونغغا تونغا – هونغ هابا أدى إلى إطلاق 50 مليون طن (45 مليون طن متري) من بخار الماء في الغلاف الجوي، بالإضافة إلى كميات هائلة من الرماد والغازات البركانية.
وأشارت دراسة جديدة، إلى أن هذا الحقن الهائل للبخار أدى إلى زيادة كمية الرطوبة في طبقة الستراتوسفير العالمية بنحو 5٪.
كما يمكن أن يؤدي إلى دورة من تبريد الستراتوسفير وتسخين السطح، وقد تستمر هذه التأثيرات لأشهر عدة.
وتعرف طبقة الستراتوسفير أو المتكور الطبقي أو الغلاف الجوي الطبقي، بأنها إحدى طبقات الجو العليا التي تعلو طبقة التروبوسفير وتمتد من ارتفاع 18 كيلومتر إلى نحو 50 كم فوق سطح البحر.
والستراتوسفير طبقة من الهواء الرقيق تجتاحها الرياح العاتية، الهواء فيها جاف وصافي وبارد، حيث أن درجة الحرارة فيه ثابتة حوالي -5°.
وتقول مؤسسة الجامعة الوطنية لأبحاث الغلاف الجوي التابعة لمؤسسة العلوم الوطنية، أن الانفجارات البركانية الكبيرة على الكوكب، عادة ما تبرد عن طريق إطلاق ثاني أكسيد الكبريت في الطبقات العليا من الغلاف الجوي للأرض.
ووتضيف، أن ذلك يؤدي إلى ترشيح الإشعاع الشمسي، ويمكن لجزيئات الصخور والرماد أيضًا، تبريد الكوكب مؤقتًا عن طريق حجب ضوء الشمس.
وكان موقع لايف ساينس، قد ذكر سابقا، أن الانفجارات الأخيرة أظهرت قدرة البراكين على تبريد كوكب الأرض.
وقال، أنه في عام 1991 عندما فجر جبل بيناتوبو في الفلبين قمته، خفضت الهباء الجوي المنبعث من هذا الانفجار البركاني العظيم درجات الحرارة العالمية بحوالي 0.9 درجة فهرنهايت (0.5 درجة مئوية) لمدة عام واحد على الأقل.
وكشفت خدمة الأرصاد الجوية الوطنية (NWS)، أن بركان تونغا أطلق ما يقرب من 441000 طن (400000 طن متري) من ثاني أكسيد الكبريت، حوالي 2 ٪ من الكمية المنبعثة من جبل بيناتوبو خلال ثوران عام 1991م.
وعلى عكس بيناتوبو (ومعظم الانفجارات البركانية الكبيرة التي تحدث على اليابسة)، أرسلت أعمدة تونغا البركانية تحت الماء “كميات كبيرة من الماء” إلى طبقة الستراتوسفير.
وقام الباحثون بتحليل كمية المياه في الأعمدة، وذلك من خلال تقييم البيانات التي تم جمعها بواسطة أدوات تسمى مسابير الراديو، والتي تم ربطها ببالونات الطقس وإرسالها عاليا إلى الأعمدة البركانية، مع ارتفاع هذه الأجهزة عبر الغلاف الجوي.
وتقوم مستشعراتها بمهمة قياس درجة الحرارة وضغط الهواء والرطوبة النسبية، وتنقل تلك البيانات إلى جهاز استقبال على الأرض.
وبحسب العلماء، يمتص بخار الماء الموجود في الغلاف الجوي الإشعاع الشمسي ويعيد إصداره كحرارة.
مما يعني أنه، مع انحراف عشرات الملايين من الأطنان من رطوبة تونغا الآن في طبقة الستراتوسفير، فإن سطح الأرض سوف يسخن، على الرغم من أنه من غير الواضح مقدارها، وفقا للدراسة.
ولكن، نظرا لأن البخار أخف من البخاخات البركانية الأخرى وأقل تأثرا بسحب الجاذبية، فسوف يستغرق الأمر وقتا أطول حتى يتبدد تأثير الاحترار هذا، وقد يستمر ارتفاع درجة حرارة السطح خلال الأشهر المقبلة.
وأثبتت أبحاث سابقة، أن تونغا أطلق ما يكفي من بخار الماء لملء 58000 حوض سباحة بالحجم الأولمبي، وأن هذه الكمية الهائلة من الرطوبة في الغلاف الجوي يمكن أن تضعف طبقة الأوزون.
وقرر العلماء في الدراسة الجديدة، أن هذه الكميات الهائلة من بخار الماء يمكن أن تعدل بالفعل الدورات الكيميائية التي تتحكم في أوزون الستراتوسفير.
ويعني ذلك، أنه ستكون هناك حاجة لدراسات تفصيلية لتحديد التأثير على كمية الأوزون لأن التفاعلات الكيميائية الأخرى قد تلعب دورًا مهمًا في هذا التحكم.
ويرى العلماء أن تأثير بخار بركان تونغا، قد يساهم في ارتفاع درجة حرارة الأرض لسنوات، حيث أن الانفجار امتد لمسافة 162 ميلا (260 كيلومترا).
وأشاروا إلى، أن الثوران أرسل أعمدة من الرماد والبخار والغاز إلى أعلى من 12 ميلا (20 كم).
ويتوقع العلماء أن النشاط البركاني العنيف والواسع النطاق في الماضي البعيد للأرض، قد ساهم في تغير المناخ العالمي، مما تسبب في انقراضات جماعية منذ ملايين السنين.