إمام المسجد النبوي يلقي خطبة الجمعة من جامع السلطان محمد تكرفان الأعظم بالعاصمة المالديفية “ماليه”
ضمن برنامج زيارات أئمة الحرمين لدول العالم الذي تنفذه الشؤون الإسلامية

تكبير الخط ؟
ضمن برنامج زيارات أئمة الحرمين الشريفين الذي تنفذه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، ألقى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور صلاح بن محمد البدير خطبة الجمعة، اليوم 27 شوال 1446هـ، من جامع السلطان محمد تكرفان الأعظم وسط العاصمة المالديفية “ماليه”، بحضور تجاوز 15 ألف مصلٍ، تقدمهم نائب فخامة رئيس جمهورية المالديف الأستاذ حسين بن محمد لطيف، ومعالي وزير الشؤون الإسلامية الدكتور محمد شهيم علي سعيد، ومعالي وزير الأقاليم الأستاذ آدم شريف عمر، ومعالي وزير التعليم الدكتور إسماعيل شفيع، وسماحة الإمام الأعظم الشيخ محمد لطيف، والقائم بأعمال سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية المالديف، وعدد من العلماء والدعاة.
وأكد فضيلته في خطبته أهمية لزوم الجماعة ووحدة الكلمة والتحذير من الفُرقة والاختلاف، مستشهداً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد.” وشدّد على أن قوة الأمة في اجتماعها، وأن من دعا إلى الفتنة أو أشعل نيران النزاع، فقد خالف سبيل المؤمنين وأساء إلى جماعة المسلمين.
كما حذّر فضيلته من دعاة الضلال والانحلال، ومن التعدي على ثوابت الدين، داعياً إلى التمسك بمنهج الوسطية والاعتدال، والأخذ بالروية والحكمة، ونبذ الغلو والتعصب والانحرافات الفكرية.
وقال في خطبته الأولى: “وأخبثُ الناسِ مَن سعى إلى تخريب بلده، وتقويض أمنه، وزعزعة سلمه، ومحاربة أهله، ومَن تَجَرَّأ على الناس وتَعَمَّد سِبابَهم، ومَن تَصَدَّر الفتيا بلا علم، ومَن خاض في شؤون العامة بجهل، ومَن تلبَّس بالبغي والفجور؛ فاحذروا دعاةَ الضلال والانحلال، ودعاةَ الفساد والإلحاد، ودعاةَ الفُرقة والشقاق، وعليكم بالحكمة والرَّويَّة والاعتدال.”
وتطرقت الخطبة إلى أهمية الرحمة بين المسلمين، والتواصي بالخير، والدعاء للمحتاجين، وستر الزلات، وحفظ اللسان، وعدم الوقوع في أعراض الناس، مشيرًا إلى أن كف الأذى من أعظم خصال الإسلام، وأن المؤمن لا يجوز له أن يظلم أخاه أو يخذله أو يحقره.
وأشار فضيلته في الخطبة الأولى إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: “أحبُّ الناس إلى الله أنفعهم للناس”، مؤكداً على خلق الإحسان ومبدأ العطاء، قائلاً: “فكن للخلق نفَّاعًا، وللمحتاج مُطواعًا، ومُدَّ في الخير باعًا وباعًا… ولا تجمعنّ على السائل ذلَّ العَيْلَة ومَرارة الردّ وجفوة اللفظ، فإن العذر الجميل خيرٌ من المطل الطويل، وإن أردت الإنعام فأنجح، وإن تعذرت الحاجة فأفصح”.
كما قال فضيلته: “المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه”، مستشهدًا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحذّر كذلك من الإشارة بالسلاح، مستشهدًا بقوله صلى الله عليه وسلم: “لا يُشِر أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده، فيقع في حفرة من النار”، وبيّن أن من أشار إلى أخيه بحديدة تلعنه الملائكة حتى يدعها، وإن كان أخاه لأبيه وأمه.
وفي خطبته الثانية، ذكر الشيخ البدير قرب الموت وزوال الدنيا، داعيًا إلى التوبة الصادقة والرجوع إلى الله، مستشهداً بقوله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.”
وقال فضيلته في هذا السياق: “الموتُ نازلٌ قريب، والدهرُ مرُّ يومٍ وليلةٍ، والمنايا تقرع الأسماع بلا هوادة، فتُسلمك الساعاتُ إلى ساعةٍ لا ساعةَ لك بعدها… أترقد يا مغرورُ والنار توقد؟! فلا حرُّها يُطفأ، ولا جمرُها يُخمد!”
كما دعا في ختام الخطبة بالنصر والتمكين للمسلمين، وبالأمن والاستقرار لجمهورية المالديف وسائر بلاد المسلمين، وبالفرج والنصر لإخواننا في فلسطين، سائلاً الله أن يتقبل الشهداء، ويفك أسر المأسورين، ويشفي الجرحى والمصابين، وأن يحفظ خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، ويديم على المملكة أمنها ورخاءها واستقرارها.