الثقافية

صدور «مدائح تائهة»… رائد العيد يُجدِّد علاقة القارئ بفضيلة المديح

أكابر الأحمدي - جدة  

أطلقت دار «دوِّن» في القاهرة الطبعة العربية الأولى من كتاب «مدائح تائهة» للكاتب السعودي رائد العيد، مسجِّلةً بذلك رابع إصدار في مسيرة المؤلِّف بعد ثلاثة كتب نقدية وثقافية سبق أن رسَّخت اسمه في مشهد الكتابة العربية المعاصرة.
يلتقط الكتاب تفصيلات الحياة اليومية ويصقلها بضوءٍ فلسفيٍّ رشيق، من الخشبة القديمة في سقف بيت سوريٍّ طفولي، إلى لوحات المتاحف، إلى «اللايك» في زمن السوشيال ميديا. بهذا يمزج العيد سردية المكان بسردية الفكرة، ليقدِّم نصوصًا مفتوحة بين المقال الشخصي والبحث الثقافي؛ فيه طزاجة الملاحظة وسلاسة لغةٍ لا تتورّع عن طرح أسئلة وجودية مباشرة من قبيل: «أيمكن للإنسان أن يعيش بلا سقفٍ يقي ذاكرته من فيضان الماضي؟»
يقع العمل في نحو 160 صفحة توزَّعت على تسعة فصول تحمل عناوين كثيفة الدلالة: «المديح»، «البدايات»، «الإطار»، «السقف»، «اللامكان»، «اللعب»، «النظر من الأعلى»، «اللوز»، «الهامش». يختبر العيد في كل فصل فكرة كبرى عبر تأملات ولحظات سيرة شخصية، موزِّعًا نظره بين التجربة الفردية وأسئلة الوجود الجمعي. ينطلق من أطروحة بسيطة: المديح ليس مجاملة زائدة، بل فعل اكتشافٍ للجمال واعترافٍ به؛ ومن هنا يشرع في تحليل علاقة البشر، والأشياء، وحتى الأماكن، بحاجةٍ فطريةٍ إلى أن تُمتدَح أو تُؤطَّر.
«مدائح تائهة» لا يَعِدُ القارئ بخريطةٍ جاهزة، بل برحلة تنقض يقيناته حول المدح، والبداية، والإطار الذي يحدِّد رؤيته للعالم. ومع أن العيد يصرُّ في الإهداء على أن الكتاب موجَّهٌ «إلى من تاهت عنهم المدائح»، فإنه في النهاية يُحسن إرجاع المديح إلى موضعه الطبيعي: قيمة أخلاقية تعيد ترتيب علاقتنا بأنفسنا وبالآخر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى