الإقتصادية

قفزت مؤخرًا لمستويات قياسية .. أسعار الغاز تصدم أسواق الطاقة

درة - وكالات:  

حتى الآن لم تهدأ أسعار الغاز التى قفزت مؤخرا لمستويات قياسية، حتى بعد مرور أيام على توصل منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاؤها، فيما يعرف بمجموعة “أوبك+”، لحل وسط

وتمثل الحل الوسط بزيادة إمدادات النفط بدءا من أغسطس لتهدئة أسواق الطاقة التي شهدت طفرة بالأسعار بدعم مخاوف من نقص الإمدادات

وبعد يوم من الاتفاق، قفزت العقود الآجلة الأميركية للغاز الطبيعي حوالى 3 بالمئة إلى أعلى مستوى في 30 شهرا، وسط ارتفاع حاد في الأسعار العالمية للغاز

هذه الزيادة في السعر جاءت رغم هبوط بنسبة 5 بالمئة في أسعار العقود الآجلة للنفط الخام. وغالبا ما تحذو عقود الغاز حذو التحركات في أسعار النفط، لكنها لم تفعل هذا اليوم

وقفزت عقود الغاز لأقرب استحقاق 10.5 سنت، أو 2.9 بالمئة، لتسجل عند التسوية 3.779 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مسجلة أعلى مستوى إغلاق منذ ديسمبر 2018

لكن ما الذي غذى هذا الارتفاع خلال الفترة الماضية؟

السبب الرئيسي لارتفاع أسعار الغاز الطبيعي يرجع بشكل كبير إلى تراجع الإمدادات، إذ اضطرت بعض دول أوروبا إلى دفع أسعار قياسية لشحنات الغاز، بعد أن تسبب ارتفاع الطلب العالمي، إلى جانب الجفاف في عدة مناطق حول العالم، وتراجع إنتاج الغاز في الولايات المتحدة العام الماضي إلى المزيد من الضغوط على المعروض، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”

وفي الوقت نفسه، زاد من التأثيرات الناجمة عن الزيادة الكبيرة في طلب الصين على شحنات الغاز الطبيعي ما تشهده البرازيل حاليا من جفاف، مما قلص من إمدادات الطاقة الكهرومائية، إلى جانب موجات الطقس الحار في كندا وشمال غرب المحيط الهادئ

وعلى وجه الخصوص، كانت أجزاء من أوروبا الأكثر تضررا من نقص إمدادات الغاز الطبيعي، مع توجه سفن الغاز الطبيعي المسال إلى آسيا، حيث كافح المشترون في القارة لتجديد الخزانات بعد شتاء طويل وبارد

وقالت ناتاشا فيلدنغ، محللة الغاز في “أرغس ميديا”، إن مستويات التخزين هي الأدنى في هذا الوقت من العام منذ عقد

وقال كريس ميدجلي، رئيس قطاع التحليلات في “ستاندارد آند بورز غلوبال باتس”: “من المتوقع أن تظل الأسعار عند مستويات قياسية لعام آخر”

وقفزت الأسعار في أحد مراكز تجارة الغاز الطبيعي في هولندا لمستوى قياسي بلغ 13.10 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية هذا الشهر، وهو الأعلى منذ عام 2004، مما دفع ميدجلي إلى القول بأنه “ليس هناك غاز طبيعي مسال كاف لإمداد أوروبا”

وأضاف: “الغاز الطبيعي المسال، الذي يأتي في الغالب من الولايات المتحدة، يجري شحنه إلى آسيا وأمريكا اللاتينية”

لكن هل تظل أزمة أوروبا مستمرة؟

الإجابة تعتمد على ما إذا كانت روسيا ستضخ المزيد من الإمدادات عبر أوكرانيا خلال الفترة القادمة أم لا

وبحسب تقرير لوكالة “بلومبرغ”، فإن روسيا تضخ حاليا كميات غاز أقل عبر خطوط الأنابيب التي تمر بأراضي أوكرانيا، وهو خط حيوي لنقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا

ورغم استقرار تدفق إمدادات الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا منذ بداية العام، فإن شركة “غازبروم” الروسية التي تحتكر تصدير الغاز مترددة في حجز طاقات إضافية لنقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب التي تمر في أراضي أوكرانيا

وهذا هو الشهر الرابع من دون أي إمدادات إضافية من الغاز الروسي إلى أوروبا مما أدى إلى تراجع مخزونات الغاز الأوروبية

وأشارت “بلومبرغ” إلى تراجع مخزون الغاز في المستودعات إلى أقل مستوى له منذ أكثر من 10 سنين في مثل هذا الوقت من العام. كما أبقى المنتجون الإنتاج تحت السيطرة في ظل ارتفاع الأسعار

بارقة أمل

من المتوقع أن تعلن الولايات المتحدة وألمانيا خلال أيام عن اتفاق لحل نزاعهما القائم منذ فترة طويلة بشأن خط أنابيب الغاز الروسي نورد ستريم 2 البالغ قيمته 11 مليار دولار

وفشل الرئيس الأميركي جو بايدن والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في تسوية خلافاتهما بشأن خط الأنابيب الذي يمر تحت البحر عندما اجتمعا الأسبوع الماضي، لكنهما اتفقا على أنه يجب عدم السماح لموسكو باستخدام الطاقة كسلاح ضد جيرانها

وأصبح اتفاق في الأفق الآن بعد مناقشات بين مسؤولين أميركيين وألمان حول مخاوف الولايات المتحدة من أن خط الأنابيب، الذي اكتمل بنسبة 98 بالمئة، سيزيد اعتماد أوروبا على الغاز الروسي وقد يحرم أوكرانيا من رسوم المرور التي تجمعها الآن من الغاز المنقول عبر خط أنابيب قائم

وسيؤدي اتفاق إلى تفادي استئناف عقوبات أمريكية، معلقة حاليا، ضد “نورد ستريم 2 إيه جي”، الشركة التي تقف وراء خط الأنابيب ورئيسها التنفيذي

الندرة ترفع الأسعار

يؤدي التدافع على الغاز الطبيعي إلى خلق جيوب ندرة في السوق العالمية، مما يرفع أسعار الوقود والكهرباء المولدة عن طريق حرقه

كما أن الأسعار المرتفعة لتصاريح الغاز والفحم والانبعاثات – تكاليف المدخلات الرئيسية لمحطات الطاقة – غذت بعضها البعض مما أدى إلى ارتفاع أسواق الكهرباء أيضًا. في ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، قفزت أسعار الطاقة في يوليو إلى حوالى 83.67 يورو، أي ما يعادل حوالى 99.26 دولارًا، للميغاواط في الساعة، وفقا لـ”أرغس”

هذه الأسعار تحوم بالقرب من أعلى مستوياتها التي تعود إلى عام 2000، كما قفزت أسعار الطاقة في المملكة المتحدة وإسبانيا وإيطاليا إلى مستويات قياسية

هذه التحركات في أسعار الغاز قادت انتعاشا أوسع في أسواق الطاقة. حيث ارتفعت أسعار الخام الأمريكي 54 بالمئة هذا العام إلى حوالى 75 دولارا للبرميل، ويدفع السائقون الأمريكيون ثمن للبنزين أكثر مما دفعوه منذ ما يقرب من سبع سنوات. كما أن الفحم الحراري لم يكن باهظ الثمن على النحو الحالي منذ عقد

أولى القطاعات المتضررة

بالنسبة للمستهلكين والشركات، يعد هذا تذكيرا مؤلما بأن فواتير الطاقة يمكن أن ترتفع وتنخفض أيضا. كما تؤدي القفزة في أسعار الطاقة إلى تسارع وتيرة التضخم، على الرغم من أن البنوك المركزية تقول إن هذا التأثير سوف يزول

وتعمل الأسعار الباهظة للطاقة على إزالة بريق الطفرة في الطلب على المنتجات التي تصنعها الشركات كثيفة الاستهلاك للطاقة، حيث تتقلص الأرباح في صناعات مثل المواد الكيميائية، وفقا لبينديكت دي ميوليميستر، الرئيس التنفيذي لشركة “E&C” لاستشارات الطاقة

وقال دي ميولميستر: “تبدأ الأضواء الحمراء في الانطفاء، ويسأل الناس ما الذي يحدث هنا؟”

وأضاف أن شركات الأدوية والسيارات التي لا تستطيع رفع الأسعار بسهولة للعملاء هي من بين أكثر الشركات عرضة للخطر

بالنسبة للشركات غير القادرة على تمرير أسعار الطاقة إلى العملاء بسرعة، قد يكون الضرر الذي يلحق بالأرباح كبيرا

وقال يورغ روثرميل، رئيس الطاقة والمناخ في اتحاد الصناعات الكيميائية الألمانية، إن الغاز والطاقة يمثلان أكثر من نصف تكاليف المدخلات في تصنيع الكلور بالتحليل الكهربائي

وأوضح روثرميل عن ارتفاع أسعار الطاقة: “إنها مشكلة بالفعل الآن”

الرابحون

على الجانب الآخر، من المتوقع أن يكون مصدرو الغاز، بما في ذلك شركة “غازبروم” الروسية وشركة “شنير إنرجي” الأميركية ومقرها هيوستن، من بين أكبر الرابحين. حيث ارتفعت أسهم شنير بنسبة 40 بالمئة هذا العام، بينما ارتفعت أسهم شركة غاز بروم بنسبة 41 بالمئة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر سكاي نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى