تقارير اخبارية

“التابلاين”.. موقعة مهمة في الذاكرة الوطنية شاهدة على بدايات صناعة النفط في السعودية

درة _ قسم التحرير:  

أدرجت هيئة التراث مؤخرًا، خط أنابيب نقل النفط القديم “التابلاين” في سجل التراث الصناعي الوطني، كأول موقع تراث صناعي يسجل رسمياً في المملكة.

وجاء ذلك تقديراً لأهميته التاريخية، ولدلالاته التنموية والاقتصادية المرتبطة بمرحلة بدايات صناعة النفط في السعودية، مما جعله موقعةً مهمة في الذاكرة الوطنية، وهو أحد أهم معالم التراث الصناعي في المملكة، ويمتد من شرقها إلى شمالها.

و”التابلاين” ‏هو خط أنابيب نفطي يمتد من ساحل الخليج العربي إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، ويبلغ طوله 1664 كيلو مترا، بدأ إنشاؤه عام 1947 وأكمل جاهزيته عام 1950، كما تم استخدام 35 ألف طن من الأنابيب في إنشائه، بوجود 16 ألف عامل بتكلفة 230 مليون دولار أميركي، وتوقف خط التابلاين عن العمل نهائياً عام 1990، وهو أكبر خط نفطي في العالم، ومعبر نقل النفط من السعودية إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

وأُنشئ خط الأنابيب (التابلاين) بعد اكتشاف البترول بكميات وفيرة في المنطقة الشرقية؛ لينقل البترول من الخليج العربي إلى ميناء الزهراني في صيدا بلبنان على البحر المتوسط مرورًا بدولتَي الأردن وسوريا؛ كي يُنقَل للأسواق العالمية.

وعلى امتداد خط الأنابيب، أُنشئت مضخات ضخمة لتقوية تدفق النفط في محافظات: النعيرية، القيصومة، شعبة نصاب، رفحاء، العويقيلة، حزم الجلاميد، عرعر، وطريف وهي آخر محطة ضخ على الجانب السعودي.

ويبقى خط “التابلاين” من المعالم التاريخية البارزة في شمال المملكة، وشاهداً على تطور ونمو المراكز والمحافظات الممتدة على الشريط الحدودي الشمالي لوطننا العزيز، ومؤكداً على أهم مراحل وبدايات صناعة النفط قبل أكثر من سبعة عقود.

ومثَّل إنشاء خط الأنابيب (التابلاين) عصرًا جديدًا للمناطق الشرقية والشمالية من المملكة؛ إذ حوَّلها إلى مدن حضارية، ووفَّر لسكانها فرص العمل.

وطُرح في البداية طرق مقترحة لخط سير هذا الأنبوب، هي ( بقيق – الصرار – لينة – حائل – ضبا – الإسكندرية)، (بقيق – الصرار – لينة – الجوف – تبوك – العقبة – غزة)، (بقيق – النعيرية – القيصومة – بدنة (عرعر) – حيفا).

ثم اختير الخط الأخير لكونه أنسب وأقل تكلفة؛ ولكن بعد احتلال فلسطين تغيرت غاية الخط ومنتهاه؛ ليصل إلى صيدا في لبنان بدلاً من حيفا.

وجاء التجار إلى جواره لعرض ما لديهم على هذه التجمعات السكنية قرب خط الأنابيب، وكان من ضمن الاتفاقيات أن تتكفل الشركة بتقديم الخدمات الضرورية لموظفيها والنازلين بالقرب منها.

وبتشغيله توفرت فرص العمل والدورات التدريبية لأبناء المنطقة، وتم حفر عدد من آبار المياه على طول الخط عند مراكز الضخ والمراقبة والتشغيل، وأنشأت المدارس والمراكز الصحية، ثم الكهرباء؛ الأمر الذي أدى إلى قيام نوع جديد من الاستقرار في المنطقة.

ثم أُنشئت مطارات صغيرة قرب محطات الضخ لمراقبة خط الأنابيب، وأُنشئت العديد من وسائل الترفيه والتسلية، كملاعب القولف والتنس والبيسبول، وملاعب للأطفال، وصالات لعرض الأفلام التعليمية والتثقيفية والمسلية. كما أنه كان توجد قناة تلفزيونية خاصة بالشركة، يصل بثها للقريبين من المحطات، ومطاعم للوجبات السريعة، يقدَّم فيها الستيك والبرجر، وغير ذلك من الوجبات السريعة.

وجميع هذه الأمور شكَّلت نواة البداية لمدن المنطقة اليوم؛ فقدمت لهم حكومتنا الرشيدة الأراضي السكنية، والقروض العقارية، كما أسهم إنشاء الطريق المعبد المحاذي للتابلاين بعد ذلك بمدة في زيادة أعداد سكان هذه المدن وازدهارها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى