رفيقة الغيم

بقلم / نوره العسيري  

إنها رحلة روح إلى السماء كانت بداية رحلة نظرة تأمل للسماء استفزت شعور قلب و فكر عقل، وبينما كنت أطيل النظر وأتابع السحب وهي تغدو وتروح وجدت أن فكري هام بأشكال الغيوم المتراكمة والمتراصه فمنها ماهو مزن ومثقل بالمطر ومنها ماهو سحابة عابره، فلقد رأيت من تلك الغيوم صور تسر الناظرين وكل صورة تحمل بداخلها رساله فمنها مارسم وجه مبتسم مفعم بالبهجة والسعاده فحدثني قائلاً : ( ابتسمي فبشائر الخير عما قريب مقبله فماخاب من علق أمل بربه) ومنها ماكان على هيئه قلب كبير يفيض بالحب والطهر والنقاء كلونها الأبيض فحدثني قائلاً : ( أبقي طاهرة القلب نقيهً فلا تجعلي في قلبك الا الحب فمازال هناك اشياء تحبك وتستحق الحب منك وأحرصي على طيب النوايا فعلى قدر النوايا تأتي العطايا و إجعلي زمام قلبك وتعلقه بخالقك فقط ) ومنها مارسم شجرة مثمرة ذات فروع عاليه و جذور عميقه حدثتني قائلةً ( كوني كشجرة طيبه أصلها ثابت وفروعها في السماء ومنها ماكان على هيئة جبل راسخاً شامخاً حدثني قائلاً ( مهما كانت الظروف والتحديات ابقي شامخةً مرفوعة الرأس عالية الجبين قويةً بربك فالصواعق لا تضرب الا القمم ) ومنها ماخطت كلمة ( الله ) فحدثتني قائلةً : ( رددي كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله ) فأنها تثقل موازينك عند ربك و اطلبي من الله ان يجعلها اخر كلامك من الدنيا و احرصي ان يكون لسانك رطباً بذكر الله دائماً ) فاستشعرت حينها أن هذه السحب تسبح لباريها وان ما من شيء الا يسبح بحمده وكأن هذه الغيوم ترسم لنا صوراً لتلهمنا التسبيح وتدعونا لأعظم عبادة ألا وهى التفكر والتأمل في ملكوت الله وبينما انا كذلك أستطردت فكري كيف كانت بداية هذه الغيوم و لماذا ان بعضها أجوف وخاوي في شكل دون مضمون والبعض الاخر ممتلئ عامر بالمطر والبرد فتكون مرتعاً للخير فوجدت ان الماء عندما يتعرض إلى حرارة الشمس وأشعتها اللاذعه يقرر الهجره الى مكان اكثر برودة وراحه فيبدؤ بتبخر ويرتقي الى طبقات الجو العليا ولكن عند التبخر ينقسم حاله الى شقين الاول صامد يعمل بجد كل يوم فيرسل جزيئاته شياءً فشيئاً وكأنه يبني بيتاً لبنة لبنه وكل جزء يمسك بالأخر فلا تبرح مكانها حتى تحمل أكبر قدر من الجزيئات فتكتمل لوحة فنيه غاية بالجمال يجتمع بها جمال المظهر والمكنون والشق الاخر سرعان ما تصعد للسماء دون تفكير ببقية الجزيئات فلا تحمل الا قدراً يسيراً لان جل همها كيف تنفذ من الحراره فقط فليس لها هدف سامي ترتقي به للقمه فهي سرعان ما تصل وسرعان ما تتلاشى دون ان ينتفع بها فالارواح كسحب تماماً عندما تتعرض لصعوبات وتختبر اما ان تكون هشة سرعان ما تنكسر وتنهزم وتسلم نفسها للهواء وللغوا فيضعف إيمانها او تظل تحاول التغيير والصعود للقمم بطريقة منحرفة تتخلى فيها عن دينها ومبادئها وسرعان ما تصل ولكن ايضا سرعان ما تسقط لان الشيطان استحوذ على هذه الروح فانساه فضل الله عليه في سنين مضت كان فيها من لطفه وحسن تدبيره فكم من مدلهمة نجت منها وكم من عافية تمتعت بها ولكن عميت بصاير فتمثلت بها هذه الاية الكريمه (انها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) ومن الارواح ما ان تواجه الصعوبات وتستدرك على نفسها وتصبر وتحتسب وتتذكر فضل الله عليها فتستمد القوة منه و تستعين بالصبر والصلاة فترضى بالمكتوب وتسعى لتطوير الموجود وتحاول الصعود الى القمم حاملة معها دينها ومبادئها وأخلاقها فتصل للقمم دون سقوط ولا هوان لانها وصلت بطريقة نورانيه حافظت فيها على مرتكزات الحياة الطيبه وظلت تهيم بروحها المؤمنه الى السماء السابعه تناجي ربها في كل ليله فتجلى لها النور وغشيها فتعود لممارسة حياتها دون قلق ولا الق لان هذه الارواح امنة ومطمئنة بربها فهي تعلم ان في تدبيره مايغني عن الحيل وان كل مايجري سواء كان فيما ترغب او عكس ماترغب هو خيرة الله لها
ومنذ تلك النظره هامت الروح بالسماء حتى اصبحت رفيقة للغيم فأخذت من الغيم نسمه ومن المطر رشفه فصار مرورها خفيف و مكنونها نظيف وحضورها لطيف الكل يترقب قدومها فهي إينما حلت نفعت وما ضرت.

همسة غيمه : لا تجعلوا حب التغيير والتطوير والشهره يعمي بصيرتكم فتتخلوا عن دينكم وقيمكم ومبأدئكم واوطانكم فما من احد تخلى عن هذه الاربع الا خوا وجفا وخارت قواه فلا رفعة ولا عزة الا مع الله وبالله وحده جل جلاله

‫2 تعليقات

  1. مقال جميل ورائع يستحق القراءة والتأمل والتطبيق ..شكرا على هذه الإطراءات الجميلة ..ونأمل المزيد..

    كما نشكر صحيفة الدرة لاستضافة مثل هذه المواهب الجميلة ولمسات كلماتها الرائعة ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى