مهارة تخطيط الدرس

بقلم / طالبة الماجستير : رهف بنت سليمان البعيمي  

مهارة تخطيط الدرس
مقدمة
مهارة التخطيط للدرس هي أحد الأساليب الأساسية التي يجب أن يتقنها المعلم في عملية التدريس. فعندما يقوم المعلم بتخطيط الدرس بشكل جيد، فإنه يضمن تحقيق أهداف التعلم المرجوة بشكل فعّال ومنظم، ويقوم بتجهيز المواد التعليمية والأنشطة الملائمة لتحقيق هذه الأهداف.
يتضمن التخطيط للدرس عدة خطوات، مثل تحديد أهداف التعلم التي يرغب المعلم في أن يحققها الطلاب بعد انتهاء الدرس، وتحديد المحتوى العلمي والمفاهيم التي سيتم شرحها، واختيار الوسائل والأدوات التعليمية المناسبة لنقل هذه المعلومات بشكل فعّال للطلاب.
كما يتضمن التخطيط للدرس أيضا تحضير نشاطات تفاعلية وتطبيقية مناسبة لتعزيز فهم الطلاب للمواد المدرسة وتشجيعهم على المشاركة الفعّالة في العملية التعليمية، ويشمل أيضاً تقدير الوقت المناسب لكل جزء من الدرس وتخصيصه بشكل ملائم لتحقيق أفضل نتائج.
باختصار مهارة التخطيط للدرس تعد أحد العوامل الرئيسية في تحقيق التعلم الفعّال، حيث يقوم المعلم باختيار وتجهيز الأدوات والوسائل التعليمية المناسبة وتحديد الأنشطة الملائمة لنقل المعرفة بشكل مثلى للطلاب، وبهذا يتمكن المعلم من تحقيق الأهداف التعليمية وضمان تفاعل ومشاركة الطلاب في العملية التعليمية.
مفهوم المهارة:
عرفها زيتون (2004) انها: “تعبر المهارة عن القدرة على أداء عمل أو عملية معينة”(ص.4).
مفهوم التخطيط:
يوضحها قرني (2016) بأنه: “التفكير في حل مشكلات الحاضر والمستقبل، والتوقع في ضوء الأهداف القائمة والاوضاع السائدة والامكانات المتاحة، واتخاذ ما يمكن من الاحتياطات وتهيئة الظروف المناسبة للحصول على أفضل النتائج الممكنة بأيسر الجهود، وبأقل النفقات من أجل مواجهة أفضل الظروف، وصولاً إلى أرفع الدرجات الممكنة في مجالات النمو والتقدم” (ص. 23-24).
مفهوم مهارة تخطيط الدرس:
عرفتها ديمتري (2008): “هي المرحلة التمهيدية للتدريس، التي يتم فيها الإعداد والاختبار الدقيق للمواد والإجراءات، ولكي يتقن المعلم هذه المرحلة لابد أن يتدرب على المجموعة من المهارات الخاصة بالتخطيط للتدريس منها: صياغة أهداف التعلم، تعرف خصائص نمو التلاميذ، تحليل محتوى المادة العلمية للدرس، تحديد الوسائل التعليمية المتوافرة، تحديد أنشطة المعلم والمتعلم، تحديد أساليب التقويم وصياغة الأسئلة”(ص.20).
أهمية تخطيط الدرس:
يلخص (أحمد، 1982، ص. 30-31 كما ورد في زيتون، 2003)، والجلاد (2013، ص. 80-81) أهمية التخطيط للدرس في النقاط التالية:
1-يكشف التخطيط والتحضير للمعلم عما يحتاج إليه من وسائل تعليمية تثير تشوق التلاميذ إليها، وتوضح الدرس وتحمل على المشاركة الإيجابية فيه.
2- يُعد التحضير سجلا لنشاط التعليم؛ سواء أكان ذلك من جانب المعلم أم التلميذ، وهذا السجل يفيد المعلم إذ يمكنه من الرجوع إليه إذا نسى شيئاً في أثناء سير الدرس كما يمكن أن يذكره فيما بعد بالنقاط التي تمت تغطيتها أو دراستها في الموضوع.
يُعد التحضير وسيلة يستعين بها الموجه الفني، أو مشرف التربية العملية في متابعة الدرس وتقويمه. 3-
ييسر التحضير على المعلم عملية المراجع، والتعديل، التنقيح إذا وجد ضرورة لذلك. 4-
5- تطوير الذات وتنمية الاستعدادات والقدرات، فالتخطيط يزيد من ثقة المعلم بنفسه وإيمانه بقدراته وإمكانياته على النجاح والتعامل مع الموقف أياً كانت بإيجابية وفاعلية، ويعزز لديه تقدير الذات واحترامها، واكتشاف جوانب القوة وتدعيمها وجوانب الضعف وعلاجها، مما يجعله محباً لعمله يسعى إلى التقدم والتطور دائماً.
6- أداء المعلم عمله بسهولة ويسر ونظام بعيداً عن الارتجالية والعشوائية، فأهدافه واضحة، ومادته التعليمية معلومة، وإجراءات تنفيذ الدرس محددة، مما يجعل من التدريس متعة لكل من المعلم والمتعلم على حد سواء.
مبادئ تخطيط الدرس:
أشار الحيلة (2008, ص.372) أن الخطة الدراسية تمثل قاعدة الارتكاز ومحور الانطلاق في العملية التربوية، فإن هناك أسس مبادئ يجب مراعاتها من طرف المعلم أثناء عملية التخطيط للتدريس ومنها:
الإلمام بالمادة الدراسية مما يسهل تحديد الأهداف وتحليل المحتوى العلمي إلى أشكاله وأنواعه المختلفة. 1-
فهم الأهداف التربوية العامة وأهداف التدريس بشكل خاص مما ييسر عليه وضع الخطط التدريسية في ضوئها. 2-
3- معرفة طبيعة الطلبة الذين يدرسهم وقدراتهم واحتياجاتهم وميولهم واهتماماتهم وبالتالي مراعاة الخصائص المختلفة للطلبة الذين يتعامل معهم تعلما وتعليما.
4- معرفة أساليب القياس والتقويم المختلفة.
خصائص تخطيط الدرس الفعال:
قد يقوم المعلم بإعداد خطة غير قابلة للتنفيذ رغم جودتها نظرياً وقد يقوم آخر بعكس ذلك ومن أجل ضبط هذه الاحتمالات على المعلم أن يرسم خطته ببعض الخصائص الأساسية بحيث تكون

مكتوبة : على المعلم أن يعتمد على خطط مفصلة؛ حيث أنه لا يستطيع أن يتحكم في الأفكار التي تطرأ على ذهنه، وذلك ضمانا لعدم الشرود أثناء التدريس

موقوتة : يجب أن يراعي في خطة الدرس عنصر الزمن، بمعنى أن خطة الدرس يجب أن تعطي أنشطة، أو مواد كافية لتغطية كل زمن الحصة، كذلك أن يكتب في خطة الدرس الزمن اللازم لكل نشاط أو إجراء وذلك لتحقيق الضبط والفعالية في التدريس

مرنة : يجب أن تتسم خطة الدرس بالمرونة، حيث يجب على المعلم الا يعتمد على ما كتبه في السابق، بل يضيف إليه ويعدل فيه حتى تكون خبرته مفيدة وذات قيمة فيما بعد، وكذلك يجب أن تراعي الخطة الظروف التي قد تحدث في أثناء التدريس وتحول دون إكمالها مثل: اجتماع طارئ لمجلس المدرسة

مستمرة : عملية التخطيط يجب أن تكون مستمرة، حيث أشرنا إلى وجوب اعتماد المعلم الخبير على التخطيط المفصل، مثله في ذلك المعلم المبتدئ لتحقيق المرونة ومواكبة التغيير وعدم التضحية بفعالية التدريس وبالتالي استمرارية عملية التخطيط. زيتون (2003)

مستويات التخطيط للتدريس:
أشار (المهدي، 1987، كما ورد في زيتون، 2003) ان التخطيط يختلف، باختلاف الفترة الزمنية التي يتم في ضوئها تنفيذ الخطة، فهناك تخطيط على مستوى حصة دراسية، وتخطيط لشهر دراسي، أو لسنة دراسية، ويمكن القول إن هناك مستويين من التخطيط هما:
التخطيط بعيد المدى: مثال الخطط السنوية والفصلية. 1-
2- التخطيط قصير المدى: مثل التخطيط لحصة دراسية، أو لأسبوع دراسي، أو لوحدة دراسية.
مكونات خطة الدرس:
أورد حميدة وآخرون (2003، ص. 60-68) مكونات خطة الدرس على النحو التالي

بعض الاعتراضات التي تثار حول تخطيط الدرس:
ذكر (رشدي لبيب وآخرون، 1983، كما ورد في زيتون، 2003) على الرغم من وضوح اهمية إعداد الدروس أو تخطيطها والمزايا العديدة التي يجنيها المدرس من وراء قيامة بها إلا أن هناك عدة اعتراضات يثيرها البعض ضد التخطيط نجملها فيما يلي:
1-أن التخطيط يحتاج لكثير من الوقت والجهد.
2- أن المدرس لا يمكنه أن يتنبأ بالاتجاه الذي سيسير عليه الدرس ولا المشكلات التي تقوم فيه، وهذا اعتراض خاطئ؛ إذ أن المدرس الكفء يمكنه أن يتنبأ بدرجة كبيرة من الدقة بالاتجاه الذي سيسير فيه الدرس بوجه عام، فإذا لم يكن قادراً على ذلك فمن الأفضل له أن يخطط عمله حيداً ليضمن بذلك اتجاهاً معيناً.
3- أن الأسئلة -وهي جزء مهم من الخطة- لا يمكن أن توضع مقدماً، وهذا أمر يتصل بالاعتراض السابق، ويجاب عنه بالمثل، ومن المؤكد أن المدرس لا يستطيع أن يخطط كل الأسئلة التي سيوجهها لتلاميذه في اثناء عمله معهم، ولكنه يستطيع أن يخطط كثيراً من الأسئلة الهامة التي قد يستخدمها في درسه، بدلاً من الاعتماد على الالهام أو وحي الساعة في أثناء العمل.
4- يصعب التنبؤ بدرجة كافية من الدقة بإجابات التلاميذ عن اسئلة المدرس؛ فقد يتطلب منه احيانا أن تشمل خطته اجابات التلاميذ عن أسئلته، ومن الواضح أنه لا يوجد من يستطيع التنبؤ بدقة بإجابات التلاميذ لكل الأسئلة، ومع هذا فليحاول المدرس أن تشمل خطة التحضير بياناً بإجابات التلاميذ المنتظرة، ففي هذا تدريب له على فهم سيكولوجية تلاميذه، وتوجهها باختيار أسئلته.
الاتجاهات الحديثة في تخطيط الدرس:
لاحظت الباحثة بعد الاطلاع على عدد من الدراسات، اتجاهات حديثة وجديدة موجودة في الميدان التعليمي عن التخطيط للدرس، وأغلب هذا الاتجاهات تكمن في تخطيط الدرس الكترونياً، من خلال استراتيجيات التدريس الحديثة ومن أبرزها (استراتيجية الرحلات المعرفية، واستراتيجية الصف المقلوب)، مما يخدم المعلمين والمعلمات في تنمية مهارات القرن الواحد والعشرين لدى الطلبة، والاستفادة من زمن الحصة الدراسية، وزيادة تحصيلهم الدراسي وربط التعليم والتعلم بواقع حياة الطالب؛ لما يساعد في حفظ المعلومات في الذاكرة طويلة المدى، ومن أمثلة هذه الدراسات ما يلي:
1- دراسة الحربي؛ والعويضي (2021) هدفت إلى التعرف على استراتيجية الرحلات المعرفية في أثناء تعليم مقررات اللغة العربية التدريبية لتوظيف استراتيجية الرحلات المعرفية، هو التعرف على استراتيجية الرحلات المعرفية وتحديد وصف استعمال الاستراتيجية، وهل تم استعمالها في مجال التخطيط الدرس، أم في مجال تنفيذ الدرس، أم في مجال تقويم الدرس، وتم استخدام المنهج الوصفي، وتكونت العينة من (58) من معلمات اللغة العربية في المملكة العربية السعودية، ومن أبرز النتائج: اعتماد الرحلات المعرفية على التعليم المتمركز حول المتعلمين، واستعمال الرحلات المعرفية في تخطيط، وتنفيذ، وتقويم الدروس، ومن ابرز النتائج جاء استعمال استراتيجية الرحلات المعرفية في مجال تخطيط الدرس في المركز الاول، ومن ابرز التوصيات ضرورة التعرف على استراتيجية الرحلات المعرفية وتوظيفها في عملية التعليم، وعقد دورات تدريبية لزيادة الحصيلة العلمية للمعلمات.
2- دراسة خليل؛ والتمران؛ وهاشمي(2021) حيث هدفت الدراسة إلى التعرف على الانعكاسات الناتجة من توظيف استراتيجية الصف المقلوب في صفوف الرياضيات بالمرحلة الابتدائية على الممارسات التدريسية لمعلميها وأداء طلابهم، وتم الاعتماد على المنهج النوعي (دراسة حالات متعددة)، وشملت العينة (2) من معلمي الرياضيات في المرحلة الابتدائية، (42) طالبا من طلاب الصف السادس الابتدائي، وتوصلت النتائج إلى: أسهمت استراتيجية الصف المقلوب في تنمية التحصيل الرياضي، والتفاعل الصفي، والاتجاه نحو تعليم الرياضيات وتعلمها، إضافة إلى إسهامها في إتاحة الفرصة للمعلمين بتناول مجموعة من أفكار الدرس، واستخدام العديد من الاستراتيجيات أثناء الحصة الدراسية، والتخطيط والاعداد المناسب للدرس، وأوصت بأهمية تدريب المعلمين على توظيف التقنيات في تعلمي الرياضيات، وانتاج المقاطع المرئية(الفيديوهات) التعليمية لدروس الرياضيات

الخاتمة:
في خاتمة يمكننا القول بأن مهارة تخطيط الدرس تعتبر أحد العناصر الأساسية في عملية التعليم والتعلم، وإن تخطيط الدرس بشكل جيد يؤدي إلى تحقيق أهداف التعلم المرجوة وتطوير مهارات الطلاب، وتتطلب مهارة تخطيط الدرس معرفة عميقة بالمنهج ومحتوى المادة التي تدرس، بالإضافة إلى معرفة بأساليب التدريس وتقنيات التعلم الحديثة.
ويجب على المعلم أن يبدأ بتحديد الأهداف التعليمية التي يرغب في تحقيقها، ثم يختار الأساليب والوسائل التي تساعد على تحقيق هذه الأهداف، وعند تخطيط الدرس، يجب أن يتم تحديد المواضيع والمفاهيم الرئيسية التي سيتعلمها الطلاب، وكيفية تقديمها بطريقة مناسبة وملائمة للمستوى العمري والمستوى الدراسي للطلاب.
وبعد تحديد المحتوى والأهداف، يقوم المعلم بتحديد الخطوات والأنشطة التي سوف يقوم بها الطلاب خلال الدرس، ويجب أن تكون هذه الأنشطة تشجيعية وتفاعلية، وتستخدم أساليب تشجيع التفكير النقدي وتطوير مهارات التحليل والتفكير الإبداعي لدى الطلاب، كما يجب أن يتم توفير وقت كافي للممارسة وتطبيق المفاهيم المعلمة، وتقديم ملاحظات ومراجعات مستمرة للطلاب حول أدائهم.
أخيراً يتعين على المعلم أن يقوم بتقييم وتقويم الطلاب ودراسة استجابتهم للمفاهيم والمهارات التي تم تدريسها، ويجب أن يكون التقييم شاملا وشخصيا، ويستند إلى معايير واضحة وعادلة، يمكن استخدام مختلف أدوات التقييم مثل الاختبارات والأنشطة العملية والمشاركة الفعالة للطلاب

بقلم / طالبة الماجستير
رهف بنت سليمان البعيمي
إشراف أ.د. حمد عبدالله القميزي
أستاذ المناهج وطرق التدريس
جامعة الأمير سطام بن عبد العزيز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى