الحياة من خلال عدسة
الصور لها أهمية وميزة خاصة تنقل لنا عوالم وتفاصيل قد لا ننتبه ولا ينصب تركيزنا عليها؛ فبعض الأحيان قد تغني الصورة عن ألف كلمة، وتبرز أهمية الصور ويكون لها الوقع الأكثر في الجانب الإخباري والإعلامي، تنقل لنا أحداث العالم بدقة ووضوح، ولكن مع ظهور برامج التواصل الاجتماعي وتطور أجهزة الجوال والتي أصبحت تتنافس في زيادة مميزات واحترافية الكاميرا أصبحنا نرى جانباً سلبياً لها تغلغل إلى بيوتنا وتأثرت به أجيال، نعيش اليوم تفاصيل حياتنا من خلال عدسة الجوال نقوم بتصوير نوبة بكاء أولادنا بدل أن نحتضنهم ونتسارع إلى التقاط صورة لأطباق تم إعدادها بشكل فاخر لنشرها عبر البرامج بدل الاستمتاع بلذة طعمها، ننشغل بتصوير كل لحظة أثناء السفر وننسى استشعار لذتها، نقوم بتصوير غروب الشمس بدل أن نسلم أرواحنا لجمال هذه اللحظة الربّانية، نلتقط حركة موجات البحر بدل أن نضع أقدامنا في الرمل ونستشعر تلاشي طاقتنا السلبية مع انسحاب كل موجة، ننسى إغلاق أعيننا وأخذ أنفاس عميقة نغسل بها دواخلنا وسط جمال الطبيعة العذراء. لقد فقدنا متعة ولذة تلك التفاصيل وتناسينا أن هذه اللحظة سوف تمر ولن تعود.
تأمل الحياة من خلال عدسة عينيك وتجاهل عدسة الجوال، واصنع الذكريات في مخيلتك قبل أن تلتقطها وتخزنها في ألبوم الذكريات واستشعر
وقفه مع النفس قبل رحيل اللحظة..دمتي ودام نبضك كحروف فوق سطور الحياة