ألم الرحيل ، وامل اللقاء
أقلامنا قد تلامس موضوعات كثيرة، نسكب فيها الحبر ولا نجد صعوبة بالكتابة فيها. قد نرثي صديقاً، وقد نبكي رفيقاً، ويكون الأمر سهلاً في التعبير عن أحاسيسنا.
ولكن ماذا لو كان الراحل والداك؟.
وكيف يكون أثر الفجيعة لو جاء رحيلهما في وقت متقارب؟
هنا يصبح جرح الحزن عصيّاً على الاندمال، ويصبح القلم عاجزاً عن التعبير.
هكذا وجدت نفسي أعيش الوجع. رحلت والدتي عن الدنيا.. ذهب الدفء وانقطع صوت الدعاء. وغاب باب الجنة وصمام الأمان في دنيا الابتلاءات. كلماتها كانت البلسم ودعواتها كانت الشفاء وبيتها كان الاستكنان ووجودها كان الطمأنينة.
نعم.. هكذا شاءت إرادة المولى عز وجل. ولم نكن نعرف ما سيعقب ذلك من ألم، فبينما نحن نكابد لنداوي الجراح، إذا بالغالي يلحق بها. نعم، توفي أيضاً والدي، ولحق برفيقة عمره وكأنه يقول: لم يعد لي بقاء بعدها بدنياكم.
لقد اجتمعا في رحلة الحياة بالدنيا، ورحلا بوقت واحد إلى رحاب الله، ليصبح الفراغ مهولاً، ويصبح الوجع أقوى والجراح أعمق.
انهمر شلال الدموع حتى جفت المحاجر، وتعالت الصيحات حتى بحّت الأصوات.
ما يخفف وطأة الآلام، أن الرحيل هو خطوة للقاء قادم، فكلنا على الدرب سائرون، وموعدنا آتٍ لا محالة.
هذا هو يقيننا الإيماني، وتلك هي الثقة المطلقة في خالق الكون، الذي وسعت رحمته كل شيء، والذي سيجمعنا بإذنه تعالي في رحابه آمنين مطمئنين سعيدين.
هي الأيام تمضي بنا سريعاً، والفراق يطرق كل باب، فما أحوجنا جميعاً بالبر والإسعاد لمن رعونا وأغدقوا علينا من حنانهم وعطائهم حتى اشتد عودنا!
أبي وأمي.. أسأل الله العلي القدير أن يرحمكما ويغفر لكما، وأن يجزيكما عنا كل خير، ويجمعني بكم في الفردوس الأعلى.
لا حول ولا قوة إلا بالله.
إنا لله وإنا إليه راجعون