فاطمة شاجري تكتب لـ”درة” | جمال الصمت

بقلم/ الكاتبة: فاطمة أحمد حمد شاجري  

أنا من محبي الوحدة، دائماً أفضلها على زحمة الناس التي لا تجلب إلا الاختناق. ليس حزنًا وليس هربًا، أجد في وحدتي عالماً آخر مليئًا بالضجيج، لكن ضجيج راحة وليس تعبًا وسخبًا. أجد فيه شخصيتي وذاتي التي دائمًا تنصفني بأنني محقة في وحدتي.
تعلمك الوحدة من سيبحث عنك لأنك افتقدته، وستعلمك كيف تقضي وقتك مع صفحات كتاب اشتريته وتستفيد من وقتك. وأجد بحرم الصمت جمالًا لا يعرفه إلا من يمارس الصمت كحل لضجيج الناس من حوله، يتخذ من العزلة عبادة، وترويضًا لنفسه يجمع فيه شظايا روحه المتناثرة.
عندما يلفت ذهنه صرخات العقول الضعيفة، لا يسعه حيالها سوى أن تسكن روحه بعيدًا عنها كي لا يمتد وراء صرخاتهم، وألفاظهم القاتلة. بالتالي، يضيع النقاش الجاد المنتج ليصل إلى جدال عقيم، ومهاترات لا جدوى منها، وتنشحن النفوس، وتتفرق، وتضيع الألفة. طالما يطلقون على الإنسان المنعزل الحزن، والتعالي بنفسه، وبالمنطوي، ولكن لا أرى ذلك.
عندما ألجأ للهدوء حبًا لنفسي حتى لا تضيع بسموم ألسنتهم، وبذنوب الناس، وأعراضهم، ففيه راحة فكرية وراحة لقلبي، وجسدي أن يحمل ما لا طاقة له من الحشو المسموم من القال والقيل. أنني أجد في واحتي الساكنة المليئة بزهور الياسمين البيضاء الصفاء الذي يناسب قلبي، ويرتشف من ينابيعه أجمل الكلمات، وأرقها. وبين جداوله أحدث نفسي بكلمات لتزهر الحياة من حولي من جديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى