قطعة من الروح

استودعتك الله ابنتي الحبيبة ،،
قلتها لإبنتي وصوتي يكاد يكون طبيعياً لمقاومته البكاء ، وهي تستعد للصعود على الطائرة في رحلة رسمية تمتد لأيام طويلة ، وذلك لإكمال حلمها الذي طالما حلمت فيه وقد جاء الوقت المناسب ليتحقق ذلك الحلم .
وبعد ان اختفت عن الأنظار سمحت لقيد الدموع ان ينفك وينهمر غزيراً ، كم نعاني نحن الوالدين من ألم الفراق ونخفي ذلك عن احبابنا من هم قطعة من أرواحنا لئلا يكون ذلك سبباً في تراجعهم او مماطلتهم عن تحقيق أحلامهم ، وكم يكون ألم الصمت مؤلماً ، ولا يفهم تلك المشاعر ويعيها إلا من حافظ عليها من الجمود والاندثار في زمن طغت الحسابات والأرقام على لغة المشاعر والمحبة إلا من رحم ربي ، فحب الأبناء رزق ورحمة وفطرة فطرنا بها الله سبحانه وتعالى ، فهي رحلة وقصة حب تبدأ منذ ولادتهم و تستمر على مر مراحلهم العمرية مدى الحياة ، نتذكر كيف كانوا صغاراً يمسكون بإصابعنا ليتعلموا الوقوف والمشي ثم سريعاً ينفلتوا منها ويكملوا الطريق لوحدهم ونحنا في غمرة سعادتنا تارةً نصفق لهم وتارةً نفخر بإنجازتهم ، نحزن لحزنهم ونحاول إسعادهم بشتى الطرق ، وتدور دائرة حياتنا حولهم فنتبنى أحلامهم ونسعى معهم ونساعدهم على تحقيقها ، نحفز من تراجع منهم ونشجع من يحاول المضي .
ولا يعلم الابناء انهم مهما كبروا سيظلوا صغاراً في انظار والديهم وهم يفردوا اليهم اجنحة حنانهم
ليضموهم تحتها وترى تلك الأجنحة في اكفف الوالدين المرفوعة للدعوات بحرقة لسلامة أبناءهم وسعادتهم ، أسعد الله ابناءنا وحفظهم من كل سوء فهم قرة الأعين وبرد القلب وهم قطعة من الروح .