لنرتقي بعقولنا ..وننضج بفكرنا

نصادف في حياتنا اليومية أنماطاً مختلفة من الشخصيات والبشر بعضهم لا يترك أثراً في حياتنا، والبعض يترك أثراً طيباً وبصمةً لاتُنسى ومجموعة تترك خلفها تساؤلاتٌ عن شخصيتها المضطربة، وإحدى سمات هذه المجموعة هو وجود خلل في سمة النضج الفكري لديها فتارة تراها تتحدث بعقلانية أو هكذا يتراءى لنا في البداية إلى أن تتضح الصورة سريعاً لنرى الخلل.
وتارة تختلق الأسباب تجادلك بلا منطق فقط لتعزز مكانتها بين من حولها لتظهر بمظهر المنتصر حتى وإن كانت مخطئة.
وهنا يأتي التساؤل، لما هذا الخلل في التفكير؟ وهل النضج الفكري يرتبط بعمر معين أم هو فطري أم يمكن اكتسابه وتعزيزه مع الوقت ؟
يعرف النضج الفكري بأنه الوصول إلى مرحلة التفكير المتزن والقرار الصائب ،صاحبه حامل أفكارًا بناءة ومؤثرة لحياته ولمن حوله يعرف كيف يترفع عن تفاهات الأمور ويتجاوز العقبات ويواجهها بعقلانية تكون رؤيته واسعة وفهمه للأمور وإدراكه لها بعمق ولا يدخل بمناقشات عقيمة لا يرجى منها فائدة حيث أنه لايعاني نقصاً في الشخصية فهو مكتمل النضج بالفكر والفهم مما يجعله يترفع عن الأمور التي تعكر صفو الاستقرار الذهني.
لايرتبط النضج الفكري بعمر معين فقد يمتلك الصغير من الإدراك والفهم ماقد يعجز عنه من هو أكبر منه سناً .
الحياة مدرسة لمن أتقن دروسها وواجه تحدياتها ونجح فيها فكم من صغير السن رأينا رجاحة عقله ووسع مداركه ، وكم من كبير بالعمر رأيناه غارقاً في تفاهات الأمور.
الوصول إلى مرحلة النضج الفكري تتحقق بتجانس أمور كثيرة وهي الفطرة ، والاكتساب،البيئة ، حب التعلم ، الثقافة ، الأخلاق وتزيد عقبات الحياة وقساوتها والتعامل معها من إدراك الشخص ورفع ملكة النضج الفكري لديه.
وقد نعقد مقارنة بين شخصين لهما نفس الدرجة العلمية وشتّان بين تفكيرهما فقد يكون أحدهما يحمل تفكيرا وتحليلا سطحيا للأمور ولايجيد التعامل معها بينما الآخر يفكر ويحلل ويعطي النتائج بفهم عميق وإدراك وهذا نتيجة تعامل كل واحد منهما بشخصيته في فهم الظروف المحيطة به والتعامل معها ليس فقط من خلال ذاته وإنما بدراسة لجميع مقتضيات الأمور وفهم عمقها والتعامل معها حسب ما يقتضيه الأمر من معالجة.
وقد تمر علينا بالحياة نماذج كثيرة تثبت ذلك .
فالحصول على الشهادة العليا والوظيفة المرموقة لاتعني أن كل من نالها قد وصل بتفكيره إلى مرحلة النضج الفكري فهذا ليس بمقياساً للنضج ، ونحتاج إلى فترة مشاهدة هذه الشخصية وبالتعامل معها تتضح لنا مدى نضجها الفكري وتزيد استمرارية التعلم من نضج ألإنسان وترتقي بأفكاره وكما أن الحياة لاتستمر على وتيرة واحدة لزم على الإنسان أن يكون منفتحا ومتعلماً ومدركا للأحداث و بهذا يستزيد نضجاً وإدراكًا وسيحسن التعامل مع ما يواجهه من تحديات والعلاقة طردية بين استمرارية التعلم والتثقيف الذاتي وبين النضج الفكري .
ويتبين لنا مدى النضج لدى الشخص منذ بدء الحديث معه أو التعامل معه ويتضح هل هو ناضج فكرياً أم يعاني من الخواء الفكري.
فلنثقف أنفسنا ونستمر في التعلم مما حولنا لنترفع بها عن تفاهات الأمور والسطحية ونملأ عقولنا علما وثقافة وأدبًا لنصل بأنفسنا وبعقولنا إلى مرحلة الاستقرار الفكري.