اختيار الأمور المهمة

بقلم / إلهام الجعفر الشمري  

تكمن قيمة القرارات في بعث القوة في معنى وجودك في الحياة. هي الخيارات التي تصقل تجاربك وتدفعك لتفهم وتنتقي بناء على احتياجاتك. هي مايمكنها أن تحدد (الأمور المهمة) والتي لها الأولوية في حياتك. لايتسائل الكثيرون عن دور تلك الأمور بل يمارسونها بفعل الحياة ، وهذا الخطأ الذي يرتكبونه ويؤثر على المستقبل بشكل كبير ، إذ أنك إن لم تعرف ماوزن سبيكة الذهب لن تتمكن من تقدير قيمتها الحقيقية ، وذلك يشبه شكل حياتنا عندما لانتعامل مع قيمة كل دقيقة فيها كما يجب.
ولو وضعنا معنى كلمة ( مهم) في شكل لرسمنا مثلث اضلاعه الثلاثة ( قيمة ، كيان ، استقرار ) . وحتى يدور مجدافك نحو وجهة اخترتها فلابد أن تعرف جيداً ماالذي تريده في حياتك. وماتريده لايعني بالضرورة أن يتشابه مع أحد، ولا يعني أن يوافق عليه الجميع ، بل يجب أن يعكس مايصلك بطموحاتك وطريقة إنجازها بالمقاييس التي اخترتها لنفسك. فما الذي يؤكد لي أن تلك المقاييس صحيحة وأنني قادر على وضعها ؟ هذا حتما سؤال في غاية الدقة والإجابة عليه تتمحور في تحديد قائمة واضحة وبسيطة لما ترغب في إنجازه ومن ثم ستبدأ خطواتك نحو التعلم وفي التعلم قد تكون هناك نسبة من الخطأ المقبول ، لكنك ستتخطى تلك الدرجات وفيها معك بعض الخبرات الجيدة، دون إغفال بعض النصائح القيمة ممن خاضوا بعضاً من تجاربك.
وفي ما تتسع له قراءاتك من تلك النصائح تذكر بأن كل فرد منا مهما كانت أولوياته أو اهتماماته بحاجة لاحترام وتقدير الآخرين لتلك الاحتياجات ، ولهذا وذاك تتكرر كثيراً كلمة ( افهمني ) . فعندما يقلل البعض من أمر يهمك تشعر بالحزن وتتسائل هل أخفقت في إيصال رسالتي ؟ وهل مايعنيني محل انظار الآخرين ؟ وتبدأ الذات في الشعور بالخيبة، فوضوح الصورة الكاملة لك يجعلها واضحة لمن يتعامل معك، وهذا الشئ الذي لايجب أن يُترك للظروف .
تخيل بأنك تصمم برنامجاً يحقق فكرة الحياة لديك . وتخيل بأنك المتحكم في جميع أيقوناته . ماذا ستريد أو تحتاج أن تفعل . هذا سؤال لا تُسأل عنه في المدرسة بهذه الدقة ، بل أنك تُثاب أو تُعاقب بفعل الأفكار المعدة مسبقاً ممن سبقوك ، وقد تسير عليها حتى تتعثر بما يهمك حقاً في الحياة. غير أننا ونحن نؤسس رسالة لنا في الحياة نقوى إذا علمنا من منطق الحاجات ماهي الأمور المهمة التي تسعدنا وتشعرنا بالامتلاء الروحي في مجمل حياتنا.
الأهمية لاتعني أن يصل مستوى ماتريده للروعة التي تسلب أنظار الآخرون . هي تعنيك ( أنت) وحدك بكل مكوناتك النفسية والفكرية والاجتماعية والعلمية . وتعنيك أنت حيث تكون قيمتك في كل هؤلاء. واذا اعتبرنا (الأهمية) برنامج حياتك كما سبق وذكرنا، فكيف ستقوم بتمكين أيقوناتك لتُدرب ذاتك على استخدامها استخداماً فعالاً ومؤثراً؟ والفعالية تعني مناسبة تطبيقها مع مؤشرات حياتك العملية أو الشخصية. والمؤثرة تعني الغاية التي أعددت نفسك لتصل إليها. ولأي مدى تريد الذهاب في هذا الطريق؟ ومع أي خطة زمنية ستحمل حقائبك واستعداداتك؟
وبينما تلتهم الأيام أنفاسنا يتغير ماهو مهم لك الآن ليحل محله مع الوقت ماهو أهم ، ومن الأهم تنتقل الأمور لأخرى أهم بكثير ، وجميعها مزيج من الصورة التي تريد أن تحققها لنفسك، وهو مايعكس بأن ماتراه مهماً في فترة عمرية معينة قد يصبح أقل أهمية في فترة أخرى متقدمة من عمرك. وليس لذلك معنى إلا أنك بت تمارس بشريتك بطريقة منطقية وإنسانية وطبيعية . لأن الأشخاص الذين يصلون لعمر الأربعون مثلاً ويجدون إحدى غاياتهم ثم يندمون متمنين لو وجدوها في سن أصغر ، فهم يقللون بذلك من قيمة التجارب التي أوصلتهم لتلك المرحلة الناضجة. زبدة القول أن ( الأمور المهمة في حياتك ) تعتمد على ما اخترته لتكون تلك الأمور هدفاً وسعياً لقيمتك وكينونتك ومن ثم استقرارك الروحي والشخصي والعملي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى