متكأ قلم .. ضميرك الميت هو عدوك الحي

قيل لطبيب كان يملك ضميراً : ألم تقل إنها لن تعيش ؟ فما فائدة جميع هذه الأدوية ياطبيب ؟ فأجابه بقوله : لراحة الضمير سأفعل ما استطيع.
الموت حقيقة لا مفر منه وقد ذكره الله في محكم كتابه قال الله تعالى (كل نَفْسٍۢ ذائقة الموت ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ القيمة)
ولكن المصيبة العظمى من يموت وهو حي بسبب موت ضميره وتبلُّد إحساسه وعدم مبالاته بحقوق الأخرين.
وللأسف أضيف لكم بأن اطباء الجراحة عجزوا عن زرع الضمير مثلما زرعوا بقية الأعضاء لانهم اعتبروا من فقد الضمير هو من فئة الجمادات التي لا حياة فيها ولا يحسب من بقية الكائنات الحية.
وهناك حديثا شريفاً يدل على أننا نملك هذا الضمير وهو حديث وابصة ابن معبد الذي سأل الرسول محمد بن عبد الله عن البر والإثم فقال له: “يا وابصة، استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر وإن أفتاك المفتون “رواه أحمد بإسناد حسن كما قال المنذري في الترغيب وحسنه النووي أيضا وقال الألباني: حسن لغيره. انظر صحيح الترغيب والترهيب 2/32.
للأسف الشديد نحن نعيش في ازمة موت الضمير الإنساني في المجتمع فانتشرت كالهشيم وخاصة في العلاقات الانسانية وهدمت كثير منها.
وكما نشاهد ونسمع بأن من الأسباب الرئيسية لانعدام الضمير الحي عند البعض هو ضعف الوازع الديني والخوف من الله وعدم معرفة العواقب الدنيوية والأخروية.
فالضمير مثل البذرة منحها الله لقلوب هي من تخشاه وتخاف عقابه وكان الله هو رقيبها في السكنات والحركات
كيف نفرق بين صاحب الضمير الحي والميت؟؟؟
وقد قرأت تغريدة أعجبتني للدكتور فواز اللعيبون لخص فيها الفرق بين الضمير الميت والحي قائلاً:
قالوا عن موت الوعي: «نوم».
وقالوا عن موت الجسد: «وفاة».
ولم يُسَمُّوا «موت الضمير»؛ لأنهم لم يجدوا له اسماً يليق ببشاعته
إذن نفهم من ذلك بأن صاحب الضمير الحي انسان استطاع التفريق بين الخير والشر وبين الفضيلة والرذيلة ولم تغلب مصالحه الشخصية على مصالح الآخرين وسلبهم حقوقهم.
وصاحب الضمير الميت هو شخص أقام سعادته على أنقاض سعادة الآخرين واستخدم وسائل غير مشروعة في تحقيق رغباته الدنيئة
باختصار هو شخص لا يسمع إلا صوت نفسه فقط التي تتسم بالأنانية وحُب الذات وحتى تتعرف عليه من قرب ستجده شخص يكذب ,ولايصدق في تعاملاته وكثير التبرير لأفعاله البطولية وللأسف هو يذكرها بافتخار من حين لأخر لأنه شخص يستمتع ويتلذذ بإيذاء الغير.
التساؤل هنا (هل صاحب الضمير الميت يبقى طوال حياته ميت الضمير وماهي أسباب موت الضمير ؟؟؟
وللإجابة على هذا من واقع دراسات أجريت بأننا لابد أن نرجع دائمًا إلى البيئة التي كان يعيش فيها هذا الشخص ، وكذلك إلى التربية والتنشئة الاجتماعية فكلاهما عامل أساسي ومؤثر في تشكيل ضمير الإنسان،فتجده حقيقة بأنه عاش طفولة محطمة في ظل أسرته المشتتة وقد يكون فقد والديه منذ الصغر لذلك فقد الحنان والاحتواء وبهذا تجده يعاقب كل من حوله الذين هم أكثر استقرار نفسي منه فهذا النوع يحتاج الى علاج نفسي مكثف يساعده على التغلب على صفة الأنانية وحب الذات.
ومن الحلول الناجعة للعلاج بأنه لابد أن يعترف بأنه يحمل هذا المرض المزمن ويحاول جاهدا ايقاظ هذا الضمير الذي مات بسبب غفلته عن الصواب
وايضاُ لو جرب العيش بإيجابية او عاش فترة يقظة الضمير المتأخرة أنني أجزم بانه سيندم أشد الندم على ما فرط من لحظات الحياة الايجابية وان يعيش مرتاح الضمير.
وقد قيل في الأثر (راحة الضمير وسادة من حرير)، نعم هي الحقيقة فوسادة الضمير الحي، والقلب المستريح الذي لا يحقد على أحد لا يشعر بها الا من فقدها لأنها قد أصبحت حلم من أحلامه
وعلى من يملك ضميراٌ حي أن يحمد الله أنه قد خلق له ضمير يحاسبه ويوجهه إذا أخطأ و علينا جميعاٌ أن نجعل ضميرنا هو ذلك الوازع الذي يؤرقنا إذا أخطأنا، ويساعدنا على التفكير دائماً في جعل الأمور تسير بمسارها الصحيح.
ختاماً : حينما تفعل ما يُرضي الله عنك، سترضى عن ضميرك ويكفيك أن تكسب ضميراً حي وأن تفعل ما يجعلك على يقين بأن الله راضٍ عنك. وانك لم تحمل وزر أحد لأنك ستنتظر حتى يفصل الله بينكما يوم الحساب وحين تٌرد المظالم لأهلها
و حينها سيكون ضميرك الميت هو عدوك الحي الذي أودى بك للمهالك وتيقن بأنك محاسب من رب الأرباب فايقظ ضميرك قبل فوات الآوان.
قال الله السميع العليم في سورة الواقعة آية 83
{ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ }