الكلمة الجارحة تقتل بلا دم

بقلم / مها العزيز  

أقسى أنواع القتل وأشدها ظلماً هو القتل بالكلام الجارح فرب كلمة خرجت كالسهم لتقتل القلب بلا رحمة وتقطع الانسان أشلاء بلا ادنى إحساس أو مسؤولية من المذنب وأصعب مافيه أن القتيل يُقْتَل ويُجْرَح ويعيش أحاسيس الالم والقهر والمرارة وهو حي ويتحسس ذلك الشعور القاسي من الكلمة وآثارها السيئة لمدة طويلة مما يؤثر على نفسيته ومسيرته بالحياة ، وتختلف فترة تجاوز الأزمة من إنسان لآخر حسب طبيعته وتأثير قوة الكلمة عليه ، والكلمات السيئة تختلف وقعتها على النفس من شخص لآخر ولكن بالاتفاق انها تحطم النفس وتؤلمه داخلياً ، ونمر بحياتنا على مواقف كثيرة تؤلمنا من مجرد كلمة وجهت لنا بقصد أو بدون قصد وسببت لنا جرحاً ينزف، من بعض المواقف الذي تعرض لها البعض ، ذكرت إخصائية تغذية بإحدى المراكز كنت أراجعها لموعد إنها قد تعرضت لكلمة قاسية من إحدى المراجعات عندما رأتها بوزن أثقل مما تصورته المراجعة واستنكرت عليها ذلك وقالت لها كيف لك ان تكوني إخصائية تغذية وانتي بوزن غير رشيق ( سمينة) وقالت لها الكلمة بطريقة استهزائية منفرة ، فوضحت لها الاخصائية التي صُدِمت من السؤال الموجه وطريقته الغير لائقة بأنها بالفعل رشيقة ولكنها حامل وفي شهرها الأخير فطبيعي ازدياد الوزن ، وتقول ان طريقة المراجعة آلمتني لدرجة رجعت المنزل وأنا متألمة نفسياً مما قالته وتطلب الأمر مني أيام لأتناساه ، وهكذا كان وقع سهم الكلمة أليماً بالنسبة لها أخذ أيام لتتناسى الموقف .
كما أسردت لي إحدى الزميلات عن موقف قد تعرضت له في العمل بسبب طبيعتها المرحة حيث في إحدى الأيام رأت علامات الحزن على وجه إحدى زميلاتها فاستعلمت عن حالها فلم تجب الزميلة عليها في البداية ولكنها التفت فجأة وردت عليها بقسوة أمام الجميع بأنني لا أثق فيكي ولن أقول لك مابي لأنك شخصية مرحة وتحب الضحك ولن تأخذي موضوعي بجدية وقد صدمتها كلمات الزميلة بعدم الثقة بسبب طبيعتها المرحة وجعل بعض الذين كانوا بالقرب من الموقف يضحكوا مما حدث أمامهم لغرابته لدرجة شعرت بها بالاحراج والحزن وأثر ذلك على نفسيتها لفترة طويلة مما جعلها تفكر ألف مرة قبل ان تسترسل مع زميلاتها بالضحك والمرح وأصبحت أكثر تحفظاً من ذي قبل وقالت أزعجني تفكيرها حيث أن اسلوبي المرح ليس له علاقة بأخذي الأمور بجدية فإنني أعلم ما أفعل حسب المواقف ولكن إتهامها بأنني شخص لا يستحق الثقه لم يكن في مكانه وهذا ما آلمني حقاً ، فيا ليتنا نكن أنيقين في إختيار كلماتنا ونزين إسلوبنا بالأخلاق قبل أن نفتح الأفواه ونرمي سهام الكلمات كما نتأنق في اختيار ملابسنا أمام الناس ، فالثياب تبلى والأخلاق تبقى وفي الحديث عن الرسول صل الله عليه وسلم ( أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا )يكفينا هذا الحديث والتوصية لنحسن من أخلاقنا ونرتب ألفاظنا لئلا يعاني من إسلوبنا أو كلماتنا ويجرع سمها شخص يتألم بصمت .

‫13 تعليقات

  1. صحيح الكلمة ممكن تصنع أنسان او تهدمه، فلا نستهين بما يخرج من افواهنا ابدا.

    يعطيك العافية أ.مها على المقال الرائع.

  2. الله يعطيك العافية استاذه مها مقالتك دائما لها بصمه رائعه وتهدف الى اشياء كثير ربي يسعدك على كل شئ تقدميه

  3. يعافيكي ربي أ.زهرة أنتي بالفعل زهرة جميلة في الحياة أشكر مرورك وترك بصمتك الجميلة على مقالي?

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى