بين النقد والانتقاد صفعة

بقلم / حمود الصهيبي  

الملحن العالمي – فان جيليس -رفض تَعَلُّم الموسيقى وكتابة النوتات في المعاهد المختصة لأنها تعيق الإبداع ، الإبداع لا يُدَرَّس . قد يأتي من ينتقد هذهِ المقولة وقد يتفق معها أخرين ، وما يريد ان يوصلنا إليه أن الأبداع موهبة ، يحتاج إلى اظهار الحس الداخلي من الأبداع ، ويأتي آخر ويرفض هذا جملة وتفصيلاً .
ابتلينا بمن يضع نفسه ناقدا بسبب الوهم المعرفي والأناء المتضخمة ، وهم بعيد كل البعد عن النقد ، ويهرفوا بما لا يعرفوا .
يجب قبل النقد ان نعرف النقد الثقافي او الأدبي ومن خلال التعريف يتضح لنا ما هو ، النقد ” هو تبيان ما هو جيدا وحسنُ وسيىء في شيء من الاشياء ” ، وكشف لحقيقة النص من خلال النص فقط، والنقد الذوفي يحتمل الوجهين ، يختلف من ناقد وآخر ، ويرتبط بذوق حسي وثقافي تكشف من خلاله ما وراء النص ، وتعرف مواطن الجمال في النص وضعفه ، وترى ما وراء النص الظاهر وما معناه ، فيحتمل معرفة ليس بالنص فقط بل في مضمون النصوص ككل ، واختلاف الناس في نص ما ليست مشكلة هي اذواق ومعرفة وثقافة واطلاع ، وكذلك قراءة جديدة للنص قد لا تخطر حتى على صاحب النص ” المبدع” الذي كتب النص بأي جنس أدبي من الأجناس الأدبية او حتى الثقافية بحسب وعي الناقد ، وعندما يتم قراءة نقدية لنص ما يجب أن يذكر قوة اللغة وضعفها والمعاني والتراكيب وترابطها وتفككها، وضعفها ، وتناول نقاط الضعف والقوة في النص ، وهي الزاوية التي يراها قارئ النص ، وتختلف من زوايا الرؤية من قارئ إلى قارئ آخر ، والكشف عن جوهرة الفكرة واستنباط المعاني والمدلولات وكشف وسبر أغوار النص ، والنقد أما نقدا موضوعيا أو نقدا غير موضوعي ويدل على رفعة الناقد وثقافته كما يقال .
وصعب ان تكون مبدعاً وسهلاً ان تكون منتقداً لا ناقداً ، لأن النقد الصحيح هو أبداع ، قرائية لأبداع آخر ، ولولا المبدع لما كان الناقد ، وقد قيل أن الناقد مبدع فاشل ، لم يستطع أن يأتي بنص ابداعي فأتجه إلى النقد ، وقد ينجح ولا ينجح ، وإلا لما ظهر ما يسمى بنقد النقد ، عندما يأتي من يأتي ويُترك قراءة النص ، ويقف عند تصنيف الجنس الأدبي بأنه غير صحيح ، اراها جهلاً مركبا ، التصنيف سلسلة تشبه الخلية وانقسامها وقد تزداد كانت تصنيفات الروايات واقعية وخيالية في السابق وما ان كثرة تعددت التصنيفات بحساب نوعها ومكانها وخصائصها واعمارها ، ومن المخول في إقرار التصنيفات وخصيصها ؟ .
على سبيل المثال ، أدب السجون ما ان تكثر السير الذاتية والروايات في السجون ( المكاني) في الوطن العربي ، ويحق لنا أن نصنفه إلى أدب السجون العربي ، والخليجي وهلمّ جرا وما الضير في التصنيف ، والتسمية ، الرواية محاكاة للحياةالحياة. لذلك كثيرا ما نقرأ روايات تستبق الحدث وتتنبأ به ولو كثرت لصنفناها روايات تنبؤية ، على سبيل المثال عن رواية “ثرثرة فوق النيل” للروائي نجيب محفوظ حيث أن هذه الرواية لو تمت قراءتها جيدا من رجال الدولة لكان بالإمكان تفادي نكسة حزيران . والكلام للروائي جمال الغيطاني ، لذلك يجب قراءاة النص بطريقة علمية مدروسة ، وليست اعتباطية أو محاولة لفت انتباه ، وتنظير ، النقد المعياري مؤطر للابداع بداء معياري اي انطباعي اي ذوقي ، ثم تطور بعد ذلك إلى مدارس الادب المختلفة مثل المدرسة التفكيكة والمدرسة البنيوية والشكلية وغيرها من المدارس ، لم ينتهي زمن النقاد ولكن أرتقى القارىء إلى مرتبة الناقد وهناك من النقاد من بقى مكانه وهناك أستطاع ان يبدع ويسبق عصره ، ولنا في المناهج النقدية خير دليل على تطور النقد سواءا في الجامعات أو الندوات او الكتابات النقدية التي جعلت من القارىء والكاتب ناقدا ذتيا ، هذهِ من جهة النقد ، ونقول : “الرفعة بالقول تدل على صاحبها”.

تعليق واحد

  1. الكاتب القدير حمل المقال القّيم ثلاثة محاور ودعنا نقول عنها مفاهيم مفهوم النقد ومفهوم الانتقاد ومفهوم المبدع وابداعه
    ولنبدأ بالعنوان اللافت للمقال الموسوم ب ( بين النقد والانتقاد صفعة ) والحقيقة أن بين المفهومين في تقديري اشياء اخر اكبر من الصفعة فبينهما سنين ضوئية من حيث المعنى فكلاهما يدور في فلك مختلف وان تقاربت الالفاظ وحتى لا نطيل فالنقد الذي عبرة عنة الكاتب في رأيي هو النقد العلمي الذي يعني النقد القائم وفق اسس ومعايير ثابتة ومقررة حسب الاعراف والمبادئ العلمية المستقرة فلا يجوز النقد الا وفق تلك القواعد والاسس وهو بهذا المعنى منفصل عن المشاعر الانسانية ومرتكز تحديداّ على قراءة النص و هو بهذا المفهوم يعني تمحيص للنص للدلالة على ما فيه من حق او باطل ، حق يجب ان يبقى وباطل يجب ان يزول، اما الانتقاد فهو تعبير عن رؤية منبثقة من مشاعر سلبية من جهة المنتقد للنص موضوع النقد و دوافع المنتقد هنا يصعب التعرف عليها لأنها في الغالب تأتي من امراض نفسية او من جهالة علمية
    ويبقى المحور الاخير وهو الابداع والمبدع ذاته مع تحفظي الشديد على كلمة ابداع فالأبداع هو كما نعلم انتاج او خلق نص او خلافة على غير مثال سابق فالله عز وجل بديع السموات والارض حيث انشاءها على غير مثال سابق بينما الكثير مما هو معروض على الساحة الادبية حالياّ متداول بين الكثير من منتجين النصوص الادبية ويبقى الاختلاف فقط في تناول كل كاتب للفكرة موضع النص بل حتى خيال الكاتب مستمد من تجارب سابقة ، ويبقى البديل المناسب في تقديري لكلمة مبدع هو منتج النص او منشاء النص فالابداع قيمة حظي بها القليل من النصوص والاقل من الكتّاب او الشعراء ومنتجي النصوص الادبية فعلى سبيل المثال لم تكن كتابات كلها على غارسيا ماركيز «مستوى مائة عام من العزلة .وما ينطبق على ماركيز ينطبق على ماريو فارغاس … وغيرهم من الكتّاب الكبار فليس كل ما ينتجه الكاتب وان كان مصنف بأنه كاتب كبير هو ابداع …..وللخروج من هذا المأزق ممكن ان نقول على الشخص او الشاعر وغيرهم من محترفي ألصنعة انه مبدع اذا غلب على انتاجه الجودة الفنية والادبية فالشاعر المتنبي مبدع تحت هذا المعنى ونجيب محفوظ وغيرهم ، ولكن هل كل منتج لنص كاتباً كان او شاعراً ممكن ان يجاري مثل هؤلاء في قيمة وروعه انتاجهم
    ويبقى السؤال الاخير مدى حاجة الكاتب للأمام بالنقد الفني أنا أرى بثقة انه ضروري بل امر حتمي ان يلم الكاتب بأصول النقد الفني ان كان الكاتب يأمل ان يحترف ألصنعة وراغب بقوة في الوصول الى مكانة الكتّاب الكبار لأن هذا هو الطريق المهم لصقل المهارة والتعويض عن نقص الموهبة الفطرية أما اذا كان ممارسة الكاتب من باب الهواية فالأمام البسيط يبقى مهم بدرجة ما لأن الاهم في النهاية هو الابهار والمتعة التي يلقيها النص في وعي المتلقي وترك النقد للمختصين الحقيقين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى