قوة التمكين الشخصي – قوة الاكتشاف

بقلم / إلهام الجعفر الشمري  

العلم الذي يعتني بتفاصيل مهمة في حياتك . تفاصيل تعرفها وأخرى لم ولن تكتشفها وحدك وليس قصوراً فيك ، إنما هي مجموعة من الأسئلة التي لم تتعود الإجابة عنها هي التي تأخذك لذلك العالم البعيد داخلك. ولماذا تعتبر تلك الأسئلة نوع من التمكين الشخصي ؟ ذلك لأنها تشبه بئر تعثرت لسنوات طويلة في إستخراج الماء منه وفجأة تعرف طريقك لتكتشف ذاتك من جديد . لماذا أصبح ذلك العلم مرتبط بشكل مباشر بحياة الانسان ؟ ربما بل من المؤكد لأنه موصول بقوة بالكثير من الإمكانيات والقدرات داخلك ، ولأنه قادر على وضع خشبة النجاح لتتعلق بها فيظهر منك وفيك شواطئ آمنة يمكنك الرسو عليها واستكمال مابدأته وتعثر. فالكثير منا إن لم يكن غالبيتنا يعيش حياة تم إدخالها في بالون ضخم به غازات تتعلق بالبيئة والتنشئة والعادات والسلوكيات والأفكار والأشخاص . في ذلك الخضم الهائل يسير الفرد حاملاً فوق ظهره إيمانه بكل تلك الغازات حتى تصبح مساحة تنفسه ضيقة ليجد نفسه لم يعد قادراً على الوصول إلى مايريد ، ويظل غارقاً في تساؤلاته التي يصعب عليه تفسيرها .
هنا تصبح قوة التمكين الشخصي life coaching مساحة مفتوحة ونظيفة وواضحة ليستعيد فيها الشخص طاقته ويتمكن بنفسه من علاج أوجاعه النفسية بصحبة كوتش محترف. فمايحدث أمر يبدوا في ظاهره سهلاً إلا أنه أقوى مما يتخيل أحدنا. فالحديث الذي يدور بين الشخص والكوتش لايعد مجرد حديث وإن بدا صورة من الفضفضة إلا أنه مع كل جلسة يصبح كالأبواب التي ينفتح كل منها الواحد تلو الآخر . انفتاح تلك الأبواب يعني أمراً خطيرا قد تحول في حياة ذلك الشخص وهو خروجه من مرحلة الانغماس السلبي مع تكوينه الذي عاش في كنفه لسنوات طويلة ، والصعود نحو ذات أخرى جديدة فيها الكثير من القوة والوعي والثبات.
تخيل أنك تغادر جزيرة صغيرة فيها كل مايشعرك بالسكون المبهم والصمت الخشن ، وتذهب نحو حدود مدينة جديدة أنت وحدك بطل ساكنيها . تكتشف أمامك طرق لم تكن تصدق أن تدخلها يوماً وتخترق ذاتك أحاسيس لايخطر على بالك يوماً أن تدوسها قدماك. ذلك لأن الأسئلة المطروحة عليك لاتعني مجرد استفسارات بل هي دعوة تمسك بيدك نحوك لتفهم لماذا وكيف ومتى وأين والكثير الكثير من الإستفهامات المقصودة والتي يتسرب إليك الكوتش من خلالها بلطف ليتركك تسرد كل مايمكنك تذكره عن حياتك الماضية .
الأجمل أن الحديث عن الماضي يصبح كحبل متين يتعلق بحاضر فيه تنوير وفهم واستنتاج تقوم به وحدك رغم أن الأسئلة لاتأتي منك . لكن لماذا تكثر الأسئلة ؟ الأسئلة تستثير حواسك وذاكرتك ووعيك . تجعلك على متن سفينة أنت قائدها لأنك تعلم كل ماتحتويه. تدفعك للتوقف وقراءة الأحداث قراءة مختلفة غير التي تعودت عليها . ربما تصيبك أحياناً بالضيق أو التوتر . لكنها في نفس الوقت تمنحك هدوء وطمأنينة لأنك تفعل ذلك مع شخص بينك وبينه ميثاق ثقة ولديه القدرة على فهم معاناتك، وإن لم يتدخل فيها مباشرة لكنه يستطيع أن يشعر بأنفاسك السريعة وهمهماتك مع نفسك لأنه فتح لها الطريق بأسئلته. وكلما ذابت الأسئلة في العمق كلما شعرت بخفة آكبر في روحك ذلك أن الإجابات تبدأ في تخفيف الأحمال والظنون والمخاوف والغربة مع الذات، وأي مشاعر أخرى خزنتها الأيام في خاطرك فأقلقت بالك .
بعد تلك الرحلة التي قد تمتد لجلسات عدة تصبح قادراً على فهم مايحدث لك حيث تبدأ رحلة أخرى . تلك الرحلة المتجددة أنت تقف فيها على فجر عوالم جديدة لأنك تختار الطرق التي ستعيد فيها تكوين حياتك وتغييرها. حينها فقط ستدرك الفرق بين ماكنت عليه ومايمكن أن تكون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى