المسؤولية الجنائية للأحداث في المملكة العربية السعودية

بقلم / فهد الرشيد  

هناك أسباب عديدة تؤدي إلى إنحراف الأحدث منها أسباب إجتماعية ترجع إلى إنشغال الأبوين، وإهمال المراقبة، وسوء التربية، والتفكك الأسري، والتعامل مع الحدث بقسوة وعنف أو التراخي في تأديبه، وغياب القدوة الحسنة، مما يجنح بالحدث إلى رفقاء السوء وإرتكاب العادات السيئة.
ولذلك حرصت المملكة العربية السعودية من خلال نظام الأحداث في التعامل مع قضايا الأحداث على أنها مشكلة إجتماعية في المقام الأول قبل أن تكون قضايا جنائية، نظراً لما يحتاجه الحدث من رعاية نفسية وسلوكية الغرض منها هو الإصلاح والتأهيل.
ومن هذا المنطلق تضمن نظام الأحداث كافة الأحكام والإجراءات اللازمة للتعامل مع الأحداث الجانحين وقضاياهم بما في ذلك إجراءات الإيقاف والقبض والتحقيق والمحاكمة، مراعياً في كافة إجراءاته الناحية النفسية للحدث.
وبالنظر في إجراءات توقيف الحدث نجد أن نظام الأحداث حظر من إيقاف الحدث لغرض التحقيق ما لم ترى النيابة العامة أن المصلحة تقتضي إيقافه، وأكد على أنه في جميع الأحوال لا يوقف الحدث إلا في دار الملاحظة الإجتماعية والتوجيه الإجتماعي ومؤسسة رعاية الفتيات، ويكون أمر الإيقاف مسبباً.
وبالنسبة لإجراءات القبض على الحدث في حالات التلبس أوجب نظام الأحداث على رجل الضبط إبلاغ ولي أمره أو من يقوم مقامه فوراً بالوسائل المتاحة، ثم يكتب محضر تدون فيه جميع البيانات اللازمة، ويودع الحدث في الدار فور القبض عليه في حالة التلبس، على أن يراعي في إجراءات إيداع الحدث ما يمنع الخلوة أو الإنفراد به، وأما في غير حالة التلبس فعلى رجل الضبط عدم القبض على الحدث إذا ظهر عليه ما يمنع من القبض كمرض أو نحوه، ويقوم تحرير محضر بذلك ويبلغ النيابة العامة لإتخاذ اللازم، كما يحظر النظام من إستخدام القيود والأغلال عند القبض على الحدث إلا عند مقاومته، وأوجب النظام كذلك عند القبض على الحدث أن يتم إبلاغ الحدث وولي أمره أو من يقوم مقامه بأسباب القبض عليه والتهمة المنسوبة إليه، وحقه في الإستعانة بوكيل أو محامي في مرحلة الإستدلال والتحقيق والمحاكمة.
وبالنسبة لإجراءات التحقيق مع الحدث أوضح النظام أنه لا يجوز للنيابة العامة التحقيق مع الحدث إلا بحضور ولي أمره أو من يقوم مقامه أو باحث أو أخصائي إجتماعي أو بحضور محامي له، ويكون التحقيق داخل الدار وفي مكان يشعر من خلاله الحدث بالطمأنينة والراحة النفسية، وإذا إقتضت مصلحة الحدث قيام النيابة العامة بالتحقيق معه في مكان خارج الدار؛ فينبغي أن توفر للحدث الطمأنينة والراحة النفسية وألا يترتب على التحقيق معه في هذه الأماكن أي تأثير عليه من الناحية النفسية أو الإجتماعية أو السلوكية أو التعليمية.
أما بالنسبة للمسؤولية الجنائية للأحداث في المملكة العربية السعودية أوضح نظام الأحداث أنه لا يُسأل جنائياً من لم يتم السابعة من عمره وقت إرتكاب الفعل المعاقب عليه، وفي حالة إذا لم يكن الحدث متماً الخامسة عشرة من عمره وقت إرتكابه فعلاً معاقباً عليه، فلا يفرض عليه سوى تدبير التوبيخ وتحذير، أو تسليمه لمن يعيش معه من الأبوين أو لمن له الولاية، أو منعه من إرتياد أماكن معينة لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، أو منعه من مزاولة عمل معين، أو وضعه تحت المراقبة الإجتماعية في بيئته الطبيعية لمدة لا تتجاوز سنتين، أو إلزامه بواجبات معينة لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، أو الإيداع في مؤسسة إجتماعية أو علاجية لمدة لا تتجاوز سنة، بشرط أن يكون متماً الثانية عشرة من عمره وقت إرتكابه الفعل المعاقب عليه.
وفي حالة إذا كان الحدث متماً الخامسة عشرة من عمره وقت إرتكابه فعلاً معاقباً عليه فتطبق عليه العقوبات المقررة عدا عقوبة السجن؛ فيعاقب بالإيداع في دار الملاحظة الإجتماعية والتوجيه الإجتماعي ومؤسسة رعاية الفتيات مدة لا تتجاوز نصف الحد الأقصى للعقوبة الأعلى المقررة لذلك الفعل ودون التقيد بالحد الأدنى لتلك العقوبة، وأما إذا كانت الجريمة مما يعاقب عليه بالقتل فتكون العقوبة الإيداع في الدار مدة لا تتجاوز عشر سنوات.
وقد أكدت هيئة حقوق الإنسان أن حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، تولي قضاء الأحداث أهمية بالغة، وقد تمثلت في إصدار نظام الأحداث الذي يهدف إلى تعزيز حقوق الحدث في مجال العدالة الجنائية والحرص على تنشئته التنشئة الصالحة، وتمثلت كذلك في إصدار الأمر الملكي الكريم الصادر بشأن إستبدال عقوبة القتل على الأحداث بعقوبة الإيداع في الدور المخصصة لذلك. 
هذا وتعمل إدارة رعاية الأحداث بوزارة الموارد البشرية والتنمية الإجتماعية على تحقيق أسس التوجيه والإصلاح والتقويم والتأهيل الإجتماعي للأحداث المنحرفين والمعرضين للإنحراف، والتي تعتبر من أهداف رؤية المملكة 2030 ذات الصلة بالرعاية الإجتماعية للأحداث الجانحين.

الكاتب / فهد الرشيد 
عضو مستشارك للأعمال القانونية والضريبية
للتواصل: 8274291 – 011

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى